آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 11:57 ص

الأخوة أمان واتزان

فاطمة العجمي

يقول أحدهم: طوال عمري وأنا أعيش وحدي معتمدًا على نفسي، لم أحتج يومًا أن يساعدني أحدهم، لكنني بدأت أشعر بأنني استنفدت طاقتي، وأنني محتاج إلى أن يكون معي من يساعدني ويخفف عني ما أواجهه من مشكلات، لكنني أخشى طلب المساعدة خوفًا من أن يظنوني ضعيفًا، وأريد أن أعرف إن كان ما أفكر به صحيحًا أم لا، فهل الاحتياج ضعف؟

احتياجات الإنسان في هذه الحياة كثيرة.

احتياجه للماء والغذاء لكي يعيش، واحتياجه للمأوى والملبس من ضروريات البقاء، فهي تبقى في أولوية الاحتياجات، واحتياجه للآخرين من ضمن هذه الاحتياجات.

فإن احتياج الأشخاص لغيرهم في هذه الحياة موجود بطبيعة الإنسان، فمن الطبيعي الاحتياج للأم والأب والصديق وشريك الحياة وغيرهم، فهو ليس ضعفًا بالتأكيد، فمن منا لم يستعن بغيره؟

وقد قيل إن الإنسان سُمِّي إنسانًا لكونه يأنس بوجود أشخاص حوله، يستند عليهم ويستندون عليه ويدعمهم ويدعمونه. وقال عز وجل في كتابه الكريم:

﴿قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ [القصص: الآية 35].

فشعور الاحتياج للغير هو شعور فطري. وعليك باختيار من تلجأ إليه وقت الحاجة، ولذلك أشار الله عز وجل في الآية الكريمة بالأخ، أي الإنسان الذي تدخره ليساندك ويعينك على متقلبات الحياة وصعوباتها.

يمكن أن يكون هذا الأخ هو أبوك أو أمك أو أختك المقربة أو أخوك أو صديقًا لك أو حتى ابنك. هو من يكون أمامك عندما تحتاج إليه دون أن تطلبه، وهو اليد التي تمتد إليك وقت احتياجك، وهو من يشعر بأن ما يقوم به تجاهك ليس تفضّلًا عليك، بل هناك دافع نفسي يدفعه للقيام بذلك، وهو الأخوّة. تشعر بجانبه بالأمان والاتزان، وإن ابتعد تشعر وكأن نقصًا ما أصابك. تحلو برفقته الأيام، ويصبح حل الصعوبات معه أسهل، فهو رفيق دربك وتكون الحياة بجانبه أفضل.

لا تقل: إنني إنسان قوي لا أحتاج مساعدة أحد، ولا تقل إن البعد عن الناس بُعد عن المشكلات، فالحياة لا تكون على وتيرة واحدة، سواء كنت وحدك أم كنت مختلطًا بالمجتمع، فهي متقلبة، فلا رخاء دائم ولا راحة باقية.

فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه، يحتاج إلى معونة الآخرين وقت الأزمات ليواصل المسير بكل أمان واستقرار، ولا يمكنه أن يعيش معتزلًا مكتفيًا بذاته.

اختر لنفسك من يكون لك أخًا وسندًا، يفتح لقلبك نوافذ الأمل، ويغذي يومك بالتفاؤل والحيوية، تشعر بيده وكأنها ممسكة بيدك لتقيك عثرات الطريق وأخطار الزمن.

فعن الإمام علي : «عليك بإخوان الصدق فأكثر من اكتسابهم، فإنهم عدة عند الرخاء، وجنة عند البلاء».