آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 11:57 ص

ابن / بنت عائلة معروفة ومرموقة

المهندس أمير الصالح *

تطوعًا أجريتُ بحثًا بسيطًا على دلالة ومفهوم ”ابن/بنت عائلةٍ معروفةٍ ومرموقةٍ“ في مفهوم الشباب والبنات المؤهلين والراغبين بالزواج، فوجدت تباينًا كبيرًا في المعنى الذهني بين الأجيال الحالية والماضية.

في هذا البحث البسيط سأمر مرور الكرام على جزئياتٍ وأسلط الضوء على جزئياتٍ أخرى تتعلق بمواصفات شريك الحياة من دلالة الوصف للعائلة المعروفة والمرموقة.

عادة، في رأس القائمة تذكر معظم البنات أن يكون المتقدم لها ابن عائلةٍ معروفةٍ ومرموقةٍ من عوائل المدينة الفلانية. وفي الأغلب الأعم تدرج البنات المواصفات التالية بترتيب مختلف: أن يكون المتقدم لها صحيح البدن، متعلمًا جامعيًا، متفهمًا، يقدر الحياة الزوجية، غير متشدد، موظفًا مستقرًا أو صاحب أعمالٍ حرةٍ، مقتدرًا ماديًا، وصاحب سكنٍ مستقلٍ، ومقر عمله قريب من مدينة السكن.

في المقابل، الأغلب الأعم من الشباب يدرجون المواصفات التالية لشريكة العمر وفي مقدمتها: ”بنت عائلةٍ معروفةٍ ومرموقةٍ“، ثم يورد الشباب المواصفات الأخرى: الصحية والجسدية «الطول/الوزن/لون البشرة»، والأخلاقية، والدينية، والتعليمية، والجمالية، والوظيفية، ومقرّ العمل.

العائلة مصدر فخر أو مصدر نخر

يُنسب حديث إلى النبي محمد ﷺ ومفاده: ”جاهدوا تورّثوا أبناءكم عزًّا“.

الأب المكافح والعصامي وصاحب الكاريزما، القوي الشخصية، المتحدث اللبق، المؤدب، المتقي لله، حتمًا وزنه في مجالس الرجال والوسط الاجتماعي وزنٌ نوعيٌّ ومميزٌ ومحل حفاوةٍ وتقدير. وكذلك الأم، ينطبق ذات القول في مجالس النساء.

وعليه أورثَ ذلك الأبُ والأمُّ عزًا وسمعةً مرموقةً لأبنائهما. فإن نجح الأبناء وعبر الأجيال في صون تلك الأمانة والسمعة المحترمة، والسلوك المحمود، والأخلاق الرفيعة، فحتماً ستتأصل وتتجذر النعوت الحميدة وحسن الإشارة إليهم بها من قبل المحيط الاجتماعي.

ومع مرور الزمن، يتوَّج أبناء تلك العائلة بلقب عائلةٍ معروفةِ النسبِ والحسبِ في المجتمع.

في الأيام الحالية ينصح أكثر من حكيم بضرورة تمحيص حقيقةِ ادّعاءاتِ بعض العوائل عبر السؤال عنهم في محاكم الأسر، ومحاكم المواريث، والمحاكم التنفيذية، وعقود الإيجارات السكنية؛ فقد تخبر الأنباء بالكثير من الخفايا من دون أقنعةٍ ولا مكياجٍ ولا مجاملاتٍ ولا استعادةٍ على رصيدٍ أسريٍّ متهالك.

هل الصيت القديم ما زال قائمًا

يقال في المثل العام: ”الصيت ولا الغِنى“، للتعبير عن أهمية انتشار السمعة بصفاتٍ حسنةٍ معينة.

إلا أننا نلاحظ أن أبناء بيوتاتٍ ذات سمعةٍ جيدةٍ في السابق قد انهارت بسبب التشاحن أو انحراف بعض أفرادها أو تصاعد مستوى المشاكل فيما بينهم وبين الناس، أو العيارة «التهكم والاستهزاء»، أو التملص من أداء حقوق الناس، أو استعباد بنات وأولاد الناس، أو استغلال عواطف الآخرين!

ولكون أخلاق بعض أفراد العوائل ذات الصيت الجيد قد تلطخت بسبب كثرة الحماقات أو انعدام الأخلاق أو التكبر أو التطاول على حقوق الآخرين أو العجرفة، فإن هبوط قيمة وتآكل صيت هذه أو تلك العوائل متسارع في أحيانٍ وأحيانٍ.

ومع ريادة العلم وأصحاب الشهادات في تبوؤ الصدارة لنيل الأوسمة الإدارية، وبالتالي الاجتماعية، أضحى نجمُ عوائلٍ في أفولٍ وتألقَ نجمُ عوائلٍ أخرى.

عولمة النسب

لم يعد مستغربًا أن يقترن شابٌ أو متقاعدٌ أو رجلٌ مسنٌّ من أفراد المجتمع المحافظ بفتاةٍ من أقصى بقاع الدنيا، بسبب الزمالة الدراسية أو الملاطفة في العمل بشركةٍ دوليةٍ، أو عبر تطبيقات التعارف، أو انبهارٍ في مدرجات كرة القدم في بطولةٍ رياضية، أو غير ذلك.

يكون الإشكال في أحيانٍ عدة أن القرار بالاقتران صادرٌ عن شهوةٍ لا عن حساباتٍ موزونةٍ تحفظ حقوق الأبناء على مر العقود. فقد يؤول المشهد لمصداق المثل الشهير: ”راحت السكرة وجاءت الفكرة“!

فالبعض - مع كبير الاحترام - يورّث أبناءه مشاكلَ ومتاعبَ بسبب ارتجالية الاختيار أو شهوانيته. فمن يضع نصب عقله تبعات الارتباطات الممتدة عبر الأجيال لما قد ينسلّ منه إن هو اقترن بزوجةٍ من وراءِ المحيطات، فقد يعيد كل حساباته.

معلومة

كان في الماضي الأغلب الأعم من الناس يستمدون العز عن طريق شجاعتهم وشجاعة آبائهم، ومناصرتهم للحق، وإكرامهم للضيف، وإطعامهم للمساكين، وترفقهم باليتامى، واهتمامهم بأهلهم، وإنصافهم الآخرين من أنفسهم.

أما في الوقت الراهن، فإن الأغلب الأعم من الناس يستمدون العز لأنفسهم بأصنافٍ مختلفة:

1. عبر بطانةٍ أو ترسانةٍ من مدحٍ وتبجيلٍ وترويجٍ وتلميع الصورة تُرسل في وسائل التواصل الاجتماعي.

2. نياشين الشهادات الأكاديمية والابتكارات.

3. التميز والخبرة في العمل أو التجارة أو الخدمة أو الخطابة.

4. المنصب الوظيفي في الشركات المعتبرة.

5. الكرم المفرط في مجتمعٍ يتباهى بالإسراف.