آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 11:21 ص

عفوًا هذا المقال خاص جدًا بالنساء

رائدة السبع * صحيفة اليوم

كم مرة حمل جسدي أحداثًا عظيمة ولم أكن أعيها، حتى جاء اليوم الذي همس لي فيه بصوت هادئ:

”آن أن تُصغي إليّ.“

كانت لحظات مربكة لم تمر مرور الكرام، بل مرت ببطء شديد، وكل يوم فيها يزداد قلقي. كنت، كما تؤمن سيمون دي بوفوار، أرى كريات دمي الحمراء والبيضاء كتركيبة فريدة من المرح والسعادة.

وبما أنني أنتمي إلى عائلة يرتبط العديد من أفرادها بالمجال الطبي، حرصت على إجراء كل الاستشارات والفحوصات الممكنة لفهم ما يحدث حقًا، والتأكد من أن جسدي بخير.

وعندما وصلت النتيجة أخيرًا، خالية من أي أثر للمرض، اجتاحتني بهجة لم تكن مجرد ارتياح، بل انتصار على الخوف وطول الانتظار.

لم يكن الفحص مجرد إجراء طبي، بل طقس للوعي والامتنان، وفرصة لإعادة الاتصال بالجزء الذي منحني الحنان والدفء بصمت، والاحتفاء بالحياة التي ما زالت تنبض بداخلي.

المرأة تتعلم منذ طفولتها أن تخفي جسدها، أن تزينه، وأن تُخضعه لمعايير الآخرين، لكنها نادرًا ما تُصغي إليه.

”الصدر“ هنا يصبح استعارة عن الجزء الذي يفيض بالعطاء دون أن يطالب بشيء، عن الحاضر الدائم الذي يحتضن ويهب بلا مقابل. في عمق التجربة الأنثوية، هناك توتر مستمر بين العطاء الذاتي وحق الذات في الاهتمام بنفسها. وربما المرض، في رمزيته الأعمق، ليس خصومة بين الإنسان وجسده، بل مناداة من هذا الجزء الذي تعب من الصمت: ”انتبهي لي.“.

الوردي إذن ليس لونًا طبيًا فقط، بل لون الوعي الجديد الذي تقول فيه المرأة: ”أنا أستحق أن أصغي إلى نفسي.“

إن أكتوبر الوردي ليس شهرًا للقلق أو الخوف، بل تذكير فلسفي بضرورة إعادة التوازن: أن نحب أنفسنا كما نحب الآخرين، وأن نحتفي بالجسد الذي ظل يعطينا بلا كلل.

أخيرًا العطاء الحقيقي لا يبدأ من النقص، بل من الامتلاء. حين يكون وعاء روحك فارغًا، يصبح عطاؤك عبئًا. امنحي من وفرة، توقفي عند الاستنزاف، واشحني وعاءك بالامتنان قبل أن تعطي."

وكل أكتوبر وأنتن جميلات، رائعات، مبتهجات، وتتمتعن بصحة وعافية.