آخر تحديث: 5 / 12 / 2025م - 11:57 ص

فقدنا رؤية سيد العطاء

عبد الله حسين اليوسف

لم نعتد على غياب سماحة العلّامة السيد علي ناصر السلمان «حفظه الله» عن الساحة، وعن مشاركته المؤمنين في الأفراح والأتراح، وخصوصًا في المسجد، واعتلاء المنبر، وخطبة الجمعة، ولقائه في منزله ومجلسه العامر، حيث كانت رؤيته تبعث في النفس السرور، وكان نجمًا ساطعًا وقطب الرحى في مجتمعنا.

لقد أخذت الأيام والعمر والأمراض تستهلك جسده وتُضعف صحته، وما زالت الحسرة تملأ قلوبنا، والغصّة تخنق أعناقنا، إذ لا نكاد نراه، حتى من بعيد، أو في لقاء عابر. لكن المقربين منه يمدّوننا ببصيص أمل، ويطمئنوننا بأن حالته الصحية في تحسن. والجميع لا يزال يلهج بالدعاء له، ويرفع الأكف بالصلاة على محمد وآل محمد، ويتوسل إلى الله بهم، ويتصدق برجاء شفائه وعودته سالمًا معافى.

كانت له محاضرات وأحاديث وعبارات خالدة، ومواقف اجتماعية، ومبادرات عطاء، ومهما تذكّرنا، فهو طود شامخ، وقد أطلق عليه بعض الوجهاء لقب ”الزعيم“.

يملك صوتًا مميزًا، ويتقن العربية الفصحى بوضوح، ويجيد التعبير والحديث بلا تحضير، ذاكرته واسعة، وثقافته غنية، ومحب للشعر والأدب، ينقل الحديث والآيات بأسلوب سلس يفهمه الصغير والكبير، والمثقف والبسيط على حد سواء.

يمتلك ميزانًا دقيقًا في إيصال الفكرة، وكما يُقال: ”الكلام إذا خرج من القلب وقع في القلب“، فيقرع الأذن ويأذن له بالدخول، كأنه حديث النفس والروح.

وكيف لا يكون كذلك، وهو من يُستشار في الصغير والكبير، وله دور في حل الخلافات الأسرية، وفي تنفيذ الوصايا والوقف، وله مواقف مشهودة في التوجيه والنصح بشأن صرف الثلث من الإرث في موارد ذات أثر كبير، لا سيما في إحياء مناسبات أهل البيت .

تابعتُ مسيرته عن قرب وعن بعد، منذ عام 1406 هـ حتى يومنا هذا، وهي مسيرة حافلة لا يستطيع مثلي، بقلمي القاصر، أن يفيها حقها، فالقلم لا يسمن ولا يغني من جوع.

لكن لنا كل الأمل أن نراه قريبًا، وأن نلتقي به مجددًا، وندعو لأنفسنا وللجميع أن لا ننساه من الدعاء، ونسأل الله له الشفاء، بحق محمد وآل محمد.