”الطريق مغلق“.. دفعت 950 ريالاً ثمنًا لدرسٍ في الاحتيال، وأتساءل: من يحمينا؟
لم تكن عطلة نهاية الأسبوع التي خططت لها سوى بداية لكابوس قصير، خسرت فيه وقتي ومالي وأماني في التعاملات التجارية المباشرة. قصة تبدو بسيطة في ظاهرها، لكنها تخفي وراءها أسلوبًا من أساليب النصب والاحتيال الذي قد يقع فيه الكثيرون غيري، في ظل غياب الرقابة على بعض المشاريع الصغيرة التي تنشط عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
بدأت القصة بحجز مزرعة لقضاء يوم هادئ مع عائلتي. تواصلت مع المالك، واتفقنا على التفاصيل، وقمت بتحويل مبلغ ”العربون“ كإثبات لجدية الحجز، وهو إجراء معتاد وطبيعي. لكن نقطة التحول كانت قبل موعد الحجز بساعات قليلة، حين أصر المالك على ضرورة تحويل بقية المبلغ وقدره 950 ريالاً بشكل كامل وفوري. بحسن نية، وبثقة من المفترض أن تكون أساس أي تعامل، قمت بتحويل المبلغ المتبقي.
وما إن وصلت رسالة تأكيد الإيداع إلى حسابه، حتى وصلتني رسالته الصادمة: ”الطريق إلى المزرعة مغلق“. تحولت خطط اليوم الجميل إلى حالة من الارتباك والقلق. طلبت منه على الفور إعادة المبلغ، فما فائدة إيجار مكان لا يمكن الوصول إليه؟ ليأتي رده الذي فاق الصدمة الأولى ببروده ولا مبالاته: ”هل أنا من أغلق الشارع؟!“.
بعد هذه الرسالة، انقطعت سبل التواصل، وتوقفت كل الردود. لم يكن أمامي سوى التوجه إلى الموقع بنفسي للتأكد من صحة ادعائه. وهناك، كانت الحقيقة المرة ماثلة أمامي؛ فالطريق بالفعل كان مغلقًا من كل الاتجاهات، بل إن ما يسمى بـ ”الطريق“ لم يكن سوى مسار رملي وعر، بلا أسفلت أو إنارة أو أي لوحات إرشادية، يتطلب المغامرة بالسيارة وسط الرمال لمدة ربع ساعة على الأقل، مع خطر كبير بأن ”تغرز“ السيارة في أي لحظة.
هنا، لم تعد القضية مجرد طريق مغلق، بل أصبحت قضية مصداقية وأمانة. كيف يمكن لمالك مشروع أن يؤجر موقعًا يعلم مسبقًا بصعوبة أو استحالة الوصول إليه؟ ولماذا انتظر استلام المبلغ كاملاً ليخبرني بالعائق؟ الإجابة واضحة: كانت نية الاحتيال مبيتة منذ البداية.
هذا الموقف يطرح سؤالاً جوهريًا ومهمًا: في مثل هذه الحالات، الحق مع من؟ ومن يحمي المستهلك؟
إن كان القانون لا يحمي المغفلين، فهو يجب أن يحمي أصحاب الثقة وحسني النية. فالبائع ملزم بتقديم سلعة أو خدمة قابلة للاستخدام، وإذا حال أي عائق دون ذلك، خصوصًا إذا كان على علم به، فإن من أبسط حقوق المشتري استرداد أمواله كاملة. فالمسؤولية تقع على عاتقه هو لتوفير مدخل آمن وواضح للمكان الذي يروج له ويجني من ورائه المال.
لذا، أكتب اليوم ليس فقط لأسترجع حقي المادي، بل لأدق ناقوس الخطر لكل من يفكر في استئجار استراحة أو مزرعة بناءً على صور جميلة وإعلانات براقة. تحققوا بأنفسكم من الموقع، اطلبوا إحداثيات دقيقة، ابحثوا عن تقييمات سابقة، ولا تقوموا أبدًا بتحويل المبلغ كاملاً قبل الوصول والتأكد من أن كل شيء على ما يرام.
لقد خسرت 950 ريالاً، ولكني آمل أن تساهم قصتي في حماية أموال الآخرين ووقتهم من الضياع، وأن تصل رسالتي إلى الجهات المعنية لوضع ضوابط أكثر صرامة تحمينا من مثل هؤلاء المحتالين.













