صَهِيْلُ الفَوَارِسِ
صَهِيْلُ الفَوَارِسِ
سَيْفٌ وَنَخْلٌ بَاسِقٌ وَخُيُوْلُ
وَمَلَاحِمٌ فِي الخَافِقَيْنِ تَهُوْلُ
سِفْرٌ مِنَ الأَجْدَادِ خَطَّ سُطُوْرَهُ
شُوْسُ الرِّجَالِ جَهَابِذٌ وَرَعِيْلُ
هِيَ دَوْلَةُ التَّوْحِيْدِ أَسَّسَ عَمْدَهَا
آلُ السُّعُوْدِ وَفَضْلُهُمْ مَوْصُوْلُ
مَلَكُوْا قُلُوْبَ الشَّعْبِ حُبًّا غَامِرًا
وَلَهُمْ بِذَلِكَ حُظْوَةً وَقَبُوْلُ
لَيْثُ العُرُوْبَةِ رَمْزُ كُلِّ بَسَالَةٍ
عَبْدُ العَزِيْزِ الصَّارِمُ المَسْلُوْلُ
صَقْرٌ عَلَىْ الجَوْزَاءِ أَفْرَدَ حُلْمَهُ
وَالعَزْمُ يَخْبُوْ دُوْنَهُ المَجْهُوْلُ
فَلَئِنْ عَثَا فَوْقَ الإِرَادَةِ عَاصِفُ
لَا بُدَّ يَوْمًا لِلْطُمُوْحِ وُصُوْلُ
مَاضٍ لَهُ لَمْعُ البَوَارِقِ يَنْتَشِيْ
شَرَفًا يُسَطِّرُ لَحْنَهُ أَيْلُوْلُ
فَرَشَ الضِّيَاءَ عَلَىْ الوُجُوْدِ مُجَلِّيًا
وَتَنَزَّلَتْ فَوْقَ الظَّلَامِ سُدُوْلُ
حُلُمٌ تَخَطَّى المُعْجِزَاتِ بِهِمَّةٍ
وَصَدَاهُ فِي ذِهْنِ الهُمَامِ يَجُوْلُ
وَمَضَى يُحَلِّقُ بِالطُّمُوْحِ لِغَايَةٍ
حَتَّىْ تَحَقَّقَ حُلْمُهُ المَأْمُوْلُ
حَمَلَ الشُّعُوْبَ عَلَىْ يَدَيْهِ مُعَاهِدًا
وَالحُرُّ حَقًّا وَعْدُهُ مَفْعُوْلُ
مُتَوَثِّبٌ يَحْدُوْهُ عَزْمٌ رَاسِخٌ
وَعَلَى المَبَادِئِ يَثْبُتُ المَسْؤُوْلُ
فَتَآلَفَتْ بَعْدَ التَّفَرُّقِ أَكْبُدٌ
فَالْأَمْنُ رَحْبٌ وَالقُلُوْبُ دُخُوْلُ
حَقَنَ الدِّمَاءَ وَشَادَ أَعْظَمَ دَوْلَةٍ
مِنْ بَعْدِ جَهْلٍ وَالدِّمَاءُ تَسِيْلُ
فَاسْتَأْصَلَ الثَّارَاتِ وَارْتَاحَ الوَرَى
سَعِدَ الجَمِيْعُ فَمَا هُنَاكَ عَوِيْلُ
فَانْزَاحَ عَنْ صَدْرِ الجَزِيْرَةِ جَاثِمٌ
وَأَنَارَ لَيْلَ الحَالِكَاتِ فَتِيْلُ
وَتَنَفَّسَتْ كُلُّ الرَّوَابِيْ فَرْحَةً
حَرَّى وَدَقَّتْ لِلْوَفَاءِ طُبُوْلُ
وَطَنٌ يَعُمُّ عَلَى البَرِيَّةِ مُزْنُهُ
وَلَهُ عَلَى كُلِّ البِقَاعِ هُطُوْلُ
سَتَظَلُّ فِيْ عُمْرِ الْزَّمَانِ مَنَارَةً
تَبْقَى إِذَا شُمُّ الجِبَالِ تَزُوْلُ
عَبَرَتْ إِلَيْكَ العَادِيَاتُ مَفَاوِزًا
وَعَدَتْ إِلَيْكَ فَوَارِسٌ وَخُيُوْلُ
فَغَدَتْ تُجَلْجِلُ وَالمَوَاضِيْ تَصْطَلِي
وَيَلِذُّ مِنْ عَزْفِ النِّصَالِ صَلِيْلُ
قَادَ التَّقَدُّمَ وَهْوَ أَعْظَمُ مُلْهِمٍ
والرِّيْحُ تَعْصِفُ وَالسَّوَادُ مَهُوْلُ
فَتَصَاغَرَتْ عِنْدَ البَسُوْلِ عَظَائِمٌ
وَهَوَتْ صِعَابٌ دُوْنَهُ وَكُبُوْلُ
صَاغَتْ نِزَالَ الصِّيْدِ فِيْهِ مَلَاحِمٌ
وَرَوَتْ كِفَاحَ الخَالِدِيْنَ فُصُوْلُ
يَهْمِيْ عَلَىْ أَعْتَابِ فَجْرٍ نَاصِعٍ
مَجْدٌ عَلَىْ مَرِّ الْزَّمَانِ أَثِيْلُ
فَبِفَضْلِهِ شَمْسُ الحَضَارَةِ أَشْرَقَتْ
وَجَثَا عَلَىْ الحِقْدِ البَغِيْضِ أُفُوْلُ
وَلَئِنْ تَقَاذَفَتِ السَّفِيْنَةُ لُجَّةٌ
لَا بُدَّ فِيْ شَطِّ الأَمَانِ تَؤُوْلُ
وَلَئِنْ بَدَى لَيْلُ الجَهَالَةِ قَاتِمًا
لَا بُدَّ لِلْصُّبْحِ البَهِيْجِ حُلُوْلُ
رَفَعَ الْكِتَابَ مُحَكِّمًا فِيْ شَرْعِهِ
وَإِمَامُهُ فِيْ الْعَالَمِيْنَ رَسُوْلُ
فَاسْتَأْسَدَ البَطَلُ المُظَفَّرُ مُقْدِمًا
وَتَقَهْقَرَتْ ضِدَّ الإِمَامِ فُلُوْلُ
فَزَهَتْ سَمَاءُ النَّصْرِ شُهْبًا أَنْوَرَتْ
وَلَهَا جَمَالٌ سَاحِرٌ وَذُيُوْلُ
سَلْمَانُ وَانْتَفَضَتْ مَطَالِعُ أَنْجُمٍ
تَشْدُوْ بِذِكْرِكَ سَيِّدِيْ وَتَقُوْلُ
سَلْمَانُ يَا غَيْثَ القُلُوْبِ فَأَنْبَتَتْ
حُبًّا عَظِيْمًا لَيْسَ فِيْهِ ذُبُوْلُ
يَا خَادِمَ الحَرَمَيْنِ قُدْتَ عُرُوْبَةً
فَأَتَتْكَ طَوْعًا وَالجَمِيْعُ مُثُوْلُ
وَأَعَدْتَ لِلْيَمَنِ السَّعِيْدِ مَكَانَةً
بَلَدُ الجِوَارِ وَحَقُّهُ مَكْفُوْلُ
وَحَفِظْتَ لِلْأَمْجَادِ شَامَ أُمَيَّةٍ
شُفِيَتْ بِفَضْلِكَ أَنْفُسٌ وَغَلِيْلُ
جَيْشٌ سُعُوْدِيٌّ يُزَمْجِرُ هَيْبَةً
بِجُنُوْدِهِ إِذْ حُرِّكَ الأُسْطُوْلُ
بَطَلٌ كَمِيٌّ فِيْ المَعَارِكِ ضَيْغَمٌ
سَيْفٌ قَشِيْبٌ مُشْهَرٌ وَصَقِيْلُ
وَرَمَيْتَ فِيْ قَلْبِ الفَوَارِسِ رَهْبَةً
فَتَنَاثَرَتْ إِذْ رَاعَهَا المَصْقُوْلُ
فَالْخَيْلُ تَضْبَحُ مِنْ نِزَالِكَ رَجْفَةً
وَلَهَا دَوُيٌّ ضَارِبٌ وَصَهِيْلُ
أَثخَنْتَ فِي الهَيْجَاءِ كُلِّ مُجَنْدَلٍ
وَيَهَابُ بَأْسَكَ مُرْجِفٌ وَذَلِيْلُ
وَأَثَرْتَ نَقْعًا فِيْ الشَّجَاعَةِ مُوْقِدًا
وَغَدَوْتَ فِيْ سَاحِ القِتَالِ تَصُوْلُ
وَحَصَافَةُ الشِبْلِ الأَبِيِّ مُعَانِقًا
قِمَمَ الثُّرَيَّا وَالمَدَى مَذْهُوْلُ
فَسَمَا عَلَىْ العَلْيَاءِ مُبْدِعُ رُؤْيَةٍ
رَمْزٌ حَفِيْدُ مُؤَسِّسٍ وَسَلِيْلُ
هَذَا وَلِيُ العَهْدِ حَارِسُ أُمَّةٍ
مُوْرِيْ الزِّنَادِ وَفَارِسٌ وَأَصِيْلُ
وَإِذَا الخُطُوْبُ دَهَتْ تَقَدَّمَ شَامِخًا
وَلَهُ بِفَهْمِ المُعْضِلَاتِ حُلُوْلُ
هِيَ رُؤْيَةُ الْوَطَنِ الأَشَمِّ فَمَالَهُ
فِيْ الخَافِقَيْنِ مُنَافِسٌ وَمَثِيْلُ
وَعَلَيْهِ مِنْ سَمْتِ المُلُوْكِ مَهَابَةً
نَسْلُ الكِرَامِ وَسَيُّدٌ وَجَلِيْلُ
نُوْرٌ غَشَى بَدْرَ التَّمَامِ فَلَفَّهُ
غَطَّى عَلَيْهِ مِنَ السَّنَاءِ جَمِيْلُ
وَطَنٌ يَنَامُ الجَفْنُ فِيْهِ مُنَعَّمًا
وَتَفِيْقُ فِيْ حِضْنِ النُّجُوْمِ عُقُوْلُ
فَبِأَرْضِهِ بُعِثَ النَّبِيُّ مُحَمَّدٍ
وَعَلَى ثَرَاهُ تَتَابَعَ التَنْزِيْلُ
وَتَفَجَّرَتْ فَوْقَ الحِجَارَةِ أَنْهُرٌ
وَتَفِيْضُ بِالنِّفْطِ الغَزِيْرِ حُقُوْلُ
بَسَقَتْ فُرُوْعُ العَدْلِ فِيْ أَرْجَائِهِ
وَتَجَذَّرَتْ بَعْدَ الرُّوَاءِ أُصُوْلُ
تَحْكِيْ عَلَىْ صِدْقِ الكَلَامِ شَوَاهِدٌ
والشَّهْمُ إِنْ وَعَدَ الوُعُوْدَ فَعُوْلُ
تَرْقَى وَفِيْ ثِقَةٍ تُسَابِقُ أَنْجُمًا
وَجَمِيْعُ أَجْرَامِ الفَضَاءِ نُزُوْلُ
فَعَلَى رَفِيْفِ الأَمْنِ يَصْدَحُ طَائِرٌ
وَتَمِيْلُ فِيْ رَوْضِ الجِنَانِ وُعُوْلُ
وَغَدَتْ أَزَاهِيْرُ الرِّيَاضِ بِدَوْحِهِ
نَشْوَى وَيَرْقُصُ بُلْبُلٌ وَيَمِيْلُ
فَلَنَا الأَصَالَةُ وَالتُّرَاثُ وَعِزُّنَا
فِي طَبْعِنَا مَهْمَا السِّنِيْنُ تَحُوْلُ
فَالمَدْحُ لَا يُوْفِيْ جَنَابَكَ مَوْطِنِيْ
فَالمَوْتُ مِنْ أَجْلِ الحَبِيْبِ قَلِيْلُ
فِي يَوْمِنَا الوَطَنِيِّ نَشْدُوْ عِزَّةً
يَزْهُوْ بِحُبِّكَ فِتْيَةٌ وَكُهُوْلُ
خَمْسٌ وَتِسْعُونَ الفَخَارَ يَزُفُّهُ
أَلَقًا عَلَى صَفَحَاتِهِا الإِكْلِيْلُ
وَعَلَى ثَرَاهَا الكَعْبَةُ البَيْتُ الَّذِي
رَفَعَ القَوَاعِدَ وَالبِنَاءَ خَلِيْلُ
وَهُنَاكَ طَيْبَةُ كَمْ يَطِيْبُ جِوَارَهَا
قَبْرُ النَّبِيِّ وَمَسْجِدٌ وَنَخِيْلُ
وَطَنِيْ مُحَالٌ أَنْ تَفِيْكَ مَشَاعِرٌ
حَرَّى وَإِنْ مَلَكَ القَصِيْدَ فُحُوْلُ
وَطَنِيْ تُرَفْرِفُ فِي سَمَائِكَ غَيْمَةُ
فَتَفِيْضُ خَيْرًا فِيْ القِفَارِ سُيُوْلُ
نَبَتَتْ عَلَىْ صُمِّ الصُّخُوْرِ جَنَائِنٌ
وَعَلَتْ إِلَى هَامِ السَّحَابِ طُلُوْلُ
سَابَقْتَ فِي عُمْرِ الْزَّمَانِ مَدَائِنًا
فَالكَوْنُ صَمْتٌ وَالشُّمُوْسُ ذُهُوْلُ
وَطَنِيْ حَلِمْتَ عَنِ الجَهُوْلِ تَرَفُّعًا
وَلِنُصْرَةِ الجَارِ الضَّعِيْفِ عَجُوْلُ
وَلِوَاؤُكِ المَعْقُوْدُ بَيْرَقُ أَمَّةٍ
خُطَّتْ عَلَيْهِ شَهَادَةٌ وَدَلِيْلُ
وَعَلَيْهِ يَلْمَعُ بِالعَدَالَةِ مُرْهَفٌ
صَلْتٌ حُسَامٌ صَارِمٌ مَسْلُوْلُ
هِمَمُ الجِبَالِ وَجُوْدُ بَحْرٍ زَاخِرٍ
وَالطِّيْبُ فِيْنَا خُضْرَةٌ وَسُهُوْلُ
وَطَنٌ يَلُفُّ الحُسْنُ كُلَّ بِقَاعِهِ
وَبِهِ النَّسِيْمُ عَلَىْ النُّفُوْسِ عَلِيْلُ
وَالْيَوْمَ يَرْفُلُ فِيْ الرَّخَاءِ بِأَمْنِهِ
وَعَلَيْهِ ظِلٌّ بِالرَّفَاهِ ظَلِيْلُ
وَطَنٌ تَمَازَجَ وَالفَؤَادُ فَضَمَّهُ
شُكْرٌ يَفِيْضُ مِنَ الجَنَانِ جَزِيْلُ
هِيَ أَرْضُ مَمْلَكَةٍ نَشَأْتُ بِعِزِّهَا
تَحْيَا، وَعَنْهَا لَنْ يَطِيْبَ رَحِيْلُ
هِيَ حُرَّةٌ مَا نَالَ مِنْهَا غَاصِبٌ
شِبْرًا وَلَمْ يَدُسِ التُّرَابَ دَخِيْلُ
مَلَكَتْ تَفَاصِيْلَ المَكَانِ مَشَاعِرِيْ
فَأَنَا المُتَيَّمُ فِيْ هَوَاكِ قَتِيْلُ
إِنْ جِئْتُ أَشْرَحُ فِيْ غَرَامِكِ صَبْوَةً
فَالحِبْرُ يَنْفَدُ وَاليَرَاعُ خَجُوْلُ
وَلَئِنْ بَقِيْتُ إِلَى القِيَامَةِ شَادِيًا
حُبًّا وَشِعْرًا فَالحَدِيْثُ يَطُوْلُ













