لا تسيء لطليقتك لا تسيئي لطليقك
تعريف: الشركة كيان قانوني يُؤسَّس وفقًا لأحكام النظام بموجب عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر، يُساهم كلٌّ منهم بمبلغ مالي أو عمل أو بهما معًا في مشروع مُحدَّد الأهداف سلفًا لاقتسام ما ينشأ عنه من ربح أو خسارة.
تبعًا لما تقدَّم، وإن اختلفت المسميات وتعدَّدت مصادر القوانين المُنظِّمة له أو تغيَّر الهدف المنشود، إلا أن التوافق الزوجي بعقد إلهي شرعيّ مكتمل المراحل الثلاث «قبله وأثناءه وبعده» أرقى شراكة بين شخصين لجني أغلى الثمار النبيلة. ولكن أين نحن من تلك التعليمات متناهية الدقة والبيان والتفصيل؟ لو تقيدنا بها أرحنا واسترحنا. الخلافات بين الشركاء تؤدي أحيانًا إلى الانهيار والإفلاس وإقامة دعاوى بين الأعضاء تطول إلى أن تُفسَخ وتُغلَق، كذلك الحياة الزوجية إذا لم تُحَلّ مشاكلها من قريب أو تنتهِ بالتراضي والتسامح - وهو القليل النادر عندنا -، الأغلب إقدام الزوج على ”الطلاق“ بعدوانية وقسوة، أو طلب الزوجة ”الخلع“ كرهًا باستحالة البقاء، واقعًا أو تعديًا، وحسب مفهومها. موضوعنا هنا ما موقف الزوجين بعد الانفصال:
أولًا: ربما يتمخَّض عن الشراكة أطفال يحتاجون تربية ومصاريف حتى يكبروا ويعتمدوا على أنفسهم. ما نراه اليوم بدلًا من مراعاة وضعهم في اللحظات الصعبة من العلاقة المتوترة، يُستخدَمون من قِبَل الوالدين أو أحدهما ورقةً لاستغلال الآخر وإخضاعه تشفِّيًا على حسابهم. تبدأ معركة عداوة وتقاضي، الأولاد سلاحها الوقّاد المشتعل الذي لا ينفد. ”الصغار رياحين تفوح طيبًا، لا حطب نار تعلو لهيبًا“. لسنين عند الأم جياعًا لا يراهم الأب، أو عند الأب ضياعًا لا تراهم الأم، أو في الشتات لا مع هذه ولا ذاك، وإما بواسطة إجراءات رسمية تطبيقًا لأحكام صُدرت، تسليم واستلام لرؤيتهم أشبه ببضاعة توصيل طُلِبت من متجر إلكتروني. أهذه أخلاق أبوية وتحضر اجتماعي وقلوب إنسانية رحيمة؟ إنها جناية عقول وأفكار حمقاء همّها الانتقام تحقيقًا لنصر مزيف، أنفس شريرة. ألا يجد الحبيبان بالأمس حلًّا وسطًا بديلًا توافقيًّا يجمع لا يُفرِّق؟ ألا يستحق أولئك شفقة أب وحنان أم؟ لو تنازلا عن بعض ما يعتقدان أنه حقٌّ صلُحت الأمور ووضعت الحرب أوزارها، لا محاكم قضاء ولا تنفيذ.
ثانيًا: الطليقان يتبادلان الاتهامات المسيئة الجارحة، الأول يُهاجم الثاني ينسب له بهتانًا، والآخر يردُّها إليه نَتِنة. وليتهما إلى هنا يقفان! تدخل المزايدات شيئًا فشيئًا إلى فضح الأسرار وكشف المواصفات الداخلية التي يجب أن تُحفَظ في الرضا وعند الغضب، بحسن نية أُبيح بها، تتطور إلى الأزيد والأقبح عندما يتعرَّض المُطلِّق إلى عرض طليقته، يُلبِسها ما ليس فيها ولا في أهلها كأنها لم تكن فِراشه أو كانت! اقترن بها مُختارًا يُسمِّيها بدءًا الملاك الطاهر، نعم الفتاة، وأكرم بالحسب والنسب، وقت يصرف من راتبها متى شاء، حتى إذا ما حُرِم منه ورفعت يده عن أملاكها لسوء تصرفه وطمعه أو لأسباب أخرى فاقمت الوضع، قامت قائمته، أصبحت خائنة، يأسف لمعرفتها! ولا كأنها شرف أولاده من شرفها، تغيَّرت بين عشية وضحاها. كذلك المُطلَّقة أو الخالِعة تكيل له ما يُشوِّه سمعته، تجمع عيوب غيره فيه، ونسيت أن أبناءها ينسبون إليه من صلبه، يعيبهم شينه ويُشرِّفهم زينه.
ثالثًا: كان تداول الكلام وتناقله بين الناس في المجالس الحضورية ويُسمَّى ”غيبة“، الآن تحوَّل إلى الافتراضية، الشبكة العنكبوتية، يُطلَق عليه ”تشهيرًا“، يُصنَّف ويندرج نظامًا تحت مُسمَّى ”الجرائم المعلوماتية“، ولقد قُنِّنت هذه بما صدر من المقام السامي الكريم في المملكة العربية السعودية ”في ست عشرة مادة“ لمكافحتها بالسجن والغرامة وبهما معًا، كل حالة ما يُناسبها، يحق للمتضرر التوجه لمركز شرطة محل إقامة الطرف الآخر وتسجيل بلاغ وقضية بالحادثة تأخذ دورها حتى صدور حكم فيها.
لذا يجب علينا أن نكون حذرين واعين، لا جهلاء مُغفَّلين، حتى لا نقع في المحظور فنتعرَّض للعقوبة وتسيء سمعتنا. ما تتفوه به - أعني بذلك الجنسين - مردود عليك ودلالة على براءة مَن عنيت. لا تظنّ المجتمع مُغطَّاة وجوههم عمشاء عيونهم، إن بان منك شيء وأخفيت أشياء، أظهرتها أفعالك وأقوالك المقيتة. أنت مَن عاب نفسه وأهانها، عُرِفت سلوكياتك وبانت حقائقك، يُتَحاشى منك، لا زواج لا تعامل مستقبلًا، ولو رُفِع عن وجهك القناع عافك الأهلون والعارفون جميعًا لأنك خائن، ضيَّاع، مُزوِّر، لا تُؤتَمَن على صداقة، ما كتمت سرك، ما حفظت شرفك، كيف بما يخص غيرك؟