آخر تحديث: 7 / 10 / 2024م - 11:39 ص

المستمسك الرمضاني «8» ‎

فزت ورب الكعبة:

شتان ما بين حياة الضياع والسقوط والتنقل من إخفاق إلى إخفاق وبين حياة مدروسة فيها الخطوات والاستعداد ومتطلبات كل مرحلة، فالشخص الناجح يستثمر كل طاقاته وإمكانياته ويوظفها في طريق تحقيق تكامله وإنجازاته، فهو متسلح بالجانب المعرفي والمخزون العلمي في ذهنه والذي من خلاله ينظر إلى الأمور ويدرس الواقع؛ ليضع قدمه على أرض صلبة فيرسم معالم أهدافه وآماله وفق ما يمتلكه من قدرات، كما أن مهاراته يوظفها في طريق العمل المثابر متسلحا بالصبر والهمة العالية والقدرة على تجاوز العراقيل والعثرات والنهوض مجددا، ولذا يضع الفرد بأحرف ذهبية اسمه في سجل الفائزين والناجحين في كل خطوة يقدم عليها، كما يقع ذلك في الحقل الدراسي والمهني ونجاح مشاريعه المناسبة لطموحاته، فالتقدم والتطور والوصول إلى سلم النجاح رهن الإرادات والتسلح بالوعي الفكري ومواجهة التحديات والصعاب وتحمل المتاعب، فالبعض يقع في وهم الإنجاز من خلال حالة المفارقة وانعدام الانسجام بين أهدافه وعمله على أرض الواقع، فالنجاح ليس بوليد الأماني الفارغة والأحلام الوردية وإنما هو عمل مثابر وفق دراسة ووعي وتطوير الإمكانيات.

وعلى مستوى العلاقة بالله تعالى كذلك هو الحال في الوصول إلى قمة النجاح والإنجاز والتألق، فإنه يعني تملك يقظة روحية ونفسا حذرة وحساسة تجاه خطوات الشيطان الرجيم وأهواء النفس الأمارة بالسوء، فالحياة الدنيوية ميدان اختبار وتحديات أمام الالتزام بأوامر الله تعالى وضبط إيقاع خطواته وفق الإرادة الإلهية، فينزه نفسه من الأهواء وحب متاع الدنيا الزائل وتزكيتها من الرذائل الأخلاقية، فهناك المنزلقات في مستنقعات ووحل المعاصي والآثام والانسلاخ من الإنسانية النبيلة، والفوز الحقيقي هو صناعة الشخصية وفق القيم التربوية والنزاهة من التلون والخضوع لمنطق المنافع، فارتكاب الخطايا واكتشاف الاتصاف ببعض العيوب ليس بنهاية الطريق، فيمكن التصحيح والتغيير الإيجابي من خلال النظر التأملي في حاله وتصرفاته واهتماماته لتقع تحت عينه البصيرة الخطايا التي ارتكبها، فمغادرة هذه الدنيا والرحيل عن متاعها الزائل أمر لا مفر منه ولا يستثني أحدا، والعاقل الحصيف الطالب للنجاة والفوز الحقيقي هو الذي يكتب بقلم أفعاله سيرته الطيبة التي تطوى يوما طي السجل، فيكتب فيها معالم العزة والشرف وإثبات الوجود والعمل المثابر والتخطيط للرقي في درجات التكامل، فهناك من يكتب معالم سيرته الطيبة والمشرقة من خلال مواقفه وكلماته الشاهدة على سمو نفسه ونزاهتها.