آخر تحديث: 12 / 12 / 2024م - 4:00 م

منصات الخدمات بين رافد تقنية المعلومات وحماية الأمن السيبراني

ناجي وهب الفرج *

يدهش المراقب والمتتبع في خضم هذا الزخم الممتلئ بكثرة المعلومات وتشعبها في عصر أصبح العالم فيه كالبيت الواحد، فيمكن أن يأتيك ما تريده من معلومات وترغب فيه بكل سهولة ويسر؛ فما عليك إلا أن تضغط بضغطة زر واحدة على جوالك أو حاسوبك ويأتيك المطلوب والمراد.

ولما لتقنية المعلومات من دور فاعل ومؤثر في تلبية متطلبات الحياة إذ أصبحت جزءًا لا يتجزأ من ضروريات حياتنا اليومية لذلك يستلزم الإلمام بما بات يعرف بتقنية المعلومات «information technology» والتأقلم والتعامل معها كواقع معاش؛وذلك من خلال التعرف على طريقة استخدام أدواتها وإتقان المهارات اللازمة التي تمكن من حسن التعامل مع هذا التقدم التقني بكافة أشكاله وصوره وتصويبه نحو الطريق الأنجح، فنحن كمن يستقل سفينة في محيط شاسع لا بد له أن ينتقل فيه من ضفة إلى أخرى ويقوم بتوجيه تلك السفينة نحو الاتجاه الصحيح ليصل في نهاية الأمر إلى وجهته المناسبة ليصيب بذلك الهدف المطلوب والغاية المقصودة.

وعلى العكس من ذلك ربما تسير دفة الأمور وهذه الإمكانات التي وفرتها لنا تقنية المعلومات في الاتجاه المغاير لمن لا يحسن استعمالها ويحرف اتجاهها إلى الهدف غير المقصود فتسير الأمور في الطريق الخطأ، فلا نصل إلى الغاية المقصودة التي من أجلها أنشئت هذه التقنية والتي بسببها دشنت الكثير من المنصات الخدمية.

لقد سخّرت وسعت حكومة المملكة العربية السعودية بتوجيه ورعاية كريمة من القيادة الرشيدة - أيدها الله - بتوفير الدعم الكبير وغير المحدود في إنشاء ودعم منصات الخدمات المختلفة التي تعنى بتقنية وتجويد المعلومات رغبة منها في تسهيل وتقديم كافة الخدمات للمواطنين بجودة عالية وضمن نظام آمن وحماية شاملة والتي استطاعت من خلال تميزها هذا أن تصل إلى مراتب متقدمة وغير مسبوقة في هذا المجال ليس فقط على المستوى الإقليمي بل حتى على المستوى العالمي، ليكون لها قصب السبق في تقديم خدمات متميزة تنافس وتتفوق على الكثير من الدول المتقدمة.

ففي يونيو 2021 أعلن عن تحقيق المملكة المرتبة الثانية عالميًا من بين 193 دولة، والمركز الأول على مستوى الوطن العربي والشرق الأوسط وقارة آسيا في المؤشر العالمي للأمن السيبراني، الذي تصدره وكالة الأمم المتحدة المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات «الاتحاد الدولي للاتصالات»، محققةً بذلك قفزة بـ 11 مرتبة عن العام 2018 م، وبأكثر من 40 مرتبة منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 حيث كان ترتيبها 46 عالميًا في نسخة المؤشر للعام 2017 م.

وما نجده من خدمات تخص المواطن في كافة المجالات لخير شاهد ودليل على ما نقول، إذ نرى أن تعدد مثل هذه الخدمات وتنوعها متاحة ومنتشرة وميسرة للتعامل معها لكل من يرغب في استخدامها في كافة المرافق الخدمية المتاحة للمواطنين كمن يرغب بتجديد رخصة قيادة أو رخصة سير أو تجديد وإصدار جواز سفر أو بطاقة أحوال مدنية أو تجديد وإصدار إقامة لمقيم أو تصريح سفر وجميعها عبر منصة أبشر أو تسديد الفواتير الخدمية عبر الخدمات الإلكترونية التي تقدمها البنوك عبر خدمة سداد وغيرها الكثير من الخدمات التي لا يمكن إحصائها في كافة القطاعات الخدمية التي شملت جميع مرافق الدولة مثل وزارة العدل ووزارة الإسكان ووزارة التجارة والتأمينات الاجتماعية والتعليم والصحة وكافة القطاعات حتى استحقت هذه المنظومة الكبيرة من التقنية الحكومية أن يطلق عليها بكل جدارة واستحقاق بالحكومة الإلكترونية «The electronic government» التي بدأت فيه المملكة العربية السعودية بالتحويل للتعاملات الإلكترونية الحكومية حيث خصصت عدة برامج ومبادرات لتحويل الحكومة إلى إلكترونية.

والحكومة الإلكترونية هي استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين أسلوب أداء الخدمات الحكومية. وبصيغة أخرى تعني تغير أسلوب أداء الخدمة من أسلوب يتميز بالروتين والبيروقراطية وتعدد وتعقد الإجراءات إلى أسلوب يعتمد على استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين أداء الخدمات الحكومية بهدف تقديمها للمواطن بطريقة سهلة عبر شبكة الإنترنت مما يوفر الكثير من الجهد والمال لها فتنخفض بذلك تكلفة أداء الخدمة. فكم كان يصاحب المواطن من مشاق تأخذ منه الكثير من الجهد والوقت وحتى المال في تنقلاته لكي ينجز ويحصل على خدمة هنا ومتابعة مهمة هناك.

ونظرًا لما يتطلب ذلك من تأهيل وتدريب لكل من يتعامل مع مثل هذه التقنيات ويحسن التعاطي معها بفهم ودراية ومسؤولية قامت القطاعات المعنية في الدولة - أيدها الله - من بداية استخدام هذه التقنية حتى وقتنا الحاضر بالجهوزية اللازمة لتدريب موظفيها ونشر الوعي للمواطنين والمقيمين لشرح طرق الاستفادة منها. من أجل ذلك يتوجب علينا احترام وتقدير هذه الجهود المبذولة وأن نكون على قدر كبير من المسؤولية سواءً كنا معنيين باستخدامها كموظفين أو مستفيدين وأن لا نسيء استخدامها إلا في الهدف الذي وضعت لأجله والغاية المرجوة منها.

وقد أضحى جهاز الجوال هوية لصاحبه ومكتبة شاملة ومصدر لأغلب المعلومات التي يحتاجها الفرد في تنفيذ كل متطلباته الحياتية ورفيق حقيقي يسير معه حيثما كانت وجهته أو تنوع مقصده.

سعت الدولة - أيدها الله - بوضع الضمانات اللازمة والقوانين الملائمة والضوابط المحكمة والاشتراطات الآمنة للاستفادة من هذه الخدمات حتى توفر الحماية لكل من يستخدمها سعيًا لحفظ الحقوق وتجويد المخرجات وحماية المعلومات؛ لذا ظهرت الحاجة لإنشاء ما يدعى بالأمن السيبراني «Cyber security» الذي هو حماية الشبكات وأنظمة تقنية المعلومات وأنظمة التقنيات التشغيلية، ومكوناتها من أجهزة وبرمجيات، وما تقدمه من خدمات، وما تحويه من بيانات؛ من أي اختراق، أو تعطيل، أو تعديل، أو دخول، أو استخدام، أو استغلال غير مشروع. ويشمل مفهوم الأمن السيبراني: أمن المعلومات والأمن الإلكتروني والأمن الرقمي، ونحو ذلك.

حفظ الله هذا البلد قيادة وحكومة وشعبًا ومتعنا بالأمن والأمان في ظل هذه القيادة الحكيمة والرشيدة ممثلةً بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله ورعاه وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود حفظه الله وسدد خطاه.

وإلى الأمام يا بلد الخير والعطاء…

ويكبيديا بتصرف
نائب رئيس مجلس إدارة جمعية العوامية الخيرية للخدمات الاجتماعية