آخر تحديث: 5 / 10 / 2024م - 10:01 م

«الشبو».. الإدمان من أول استخدام!

جهات الإخبارية المناف الحنوش - الأحساء

- ”من اللحظة الأولى للاستخدام.. إلى الهروب من شباك الإدمان“

تعيش اللحظة الأولى لتجربة الشبو في عالم يبدو مليئًا بالإثارة والهروب من الواقع، ولكن هذا الهروب يتحول لاحقًا إلى شبكة لا يُسهل الهروب منها يفتح الباب أمام متاهة معقدة من التغييرات النفسية والاجتماعية، يتسلل الإدمان على الشبو كظاهرة معقدة تلمس أعماق الحياة الفردية، حيث يتلاشى العقل وتظهر تصرفات خارجة عن السيطرة بدءًا باللحظة التي يلامس فيها الشبو الجسم، مما يبرز خطورة هذا المسلك الذي يشكّل تهديداً للحياة والمستقبل.

الإدمان الفوري

جرائم المخدرات، خاصة جريمة تعاطي مادة الشبو، تمثل تهديدًا فعّالًا ومتسارعًا على المجتمع، حيث يُطلق عشرات التحذيرات من سرعة الإدمان على هذه المادة وخطورتها، إذ يظهر أن هناك أفرادًا يصبحون مدمنين عليها منذ الاستخدام الأول. الشبو، كواحدة من أخطر المخدرات الحديثة، تستهدف الشباب بشكل مستمر بسبب توفرها وتكلفتها المنخفضة، مما يجعلها تشكل تهديدًا خطيرًا للعقول والأجساد.

وحذّر الخبير الأمني ومستشار الإدمان الدكتور سامي الحمود من خطورة الشبو، مؤكدًا أنه يتسبب في قتل وعنف وانتحار، حيث روى قصة مأساوية لشاب كان يتعاطى هذه المادة وقتل أمه ثم انتحر، مشيرًا إلى أن إدمان الشبو يمكن أن يحدث من التناول لمرة واحدة ويظل تأثيره لسنوات حتى بعد الإقلاع.

وأكّد الحمود علاقة ارتكاب الجرائم بتعاطي الشبو؛ كونها شديد التأثير على عدوانية متعاطيها. وقال إن زوجة أحد مدمني هذه المادة ذكرت أنه إذا دخل المنزل يقول أشم رائحة دم وأريد حرق المنزل بمن فيه، وآخر أحرق منزله في رمضان الماضي على زوجته وطفلته وتوفيت الزوجة والطفلة فوراً، ولحقهما الزوج بعد ذلك بيومين. وأضاف أن مادة الشبو تؤثر في النواقل العصبية وتخترق جهاز الاتصال العصبي، وهي منطقة التحكم والسيطرة بالجسم، وتأثيرها على هرمونات الجسم مضاعف، وتسبب نزعات انتحار على متعاطيها وقتلا وعنفا وخروجا عن المألوف.

جرائم مأساوية 

سجلت الجهات الأمنية سلسلة من الجرائم الفظيعة التي ارتُكبت تحت تأثير مخدر الشبو، في حادثة مروعة قُتلت جدة تحت تأثير هذا المخدر من قبل الجاني الذي كان يعاني من تأثيرات المخدرات، ارتكب هذه الجريمة بخنقها وتجميد جثتها في الفريزر، وهدد بإحراق المنزل لتفادي طرده، مما دفع السلطات إلى التدخل بسبب الشكوك المتزايدة، تم اعتقاله، وخلال التحقيقات اعترف بارتكاب الجريمة تحت تأثير المخدرات، تم نقله إلى المستشفى للعلاج نظرًا لحالته النفسية والمرضية المتأثرة بالإدمان.

جحيم إدمان

قصص مأساوية تتكرر، حيث قام فرد بقتل صديقه العزيز في حادثة مرعبة بعد أن استدرجه إلى مصير مروع تحت تأثير المخدرات. في حادثة أخرى قام مدمن بارتكاب جريمة قتل جماعية راح ضحيتها أفراد من عائلته بعد أن أشعل النيران في منزلهم تحت وطأة تعاطي مخدر الشبو، هذه القصص تلقي الضوء على الويلات التي يتسبب فيها الإدمان، محولًا العقول إلى واقع مظلم يبتلع كل معاني الإنسانية. "

خطورة الأصدقاء السيئين

د. علي يعمل في إحدى المستشفيات يحكي قصة شاب تغلب على إدمان المخدرات. بدأت حياته بشكل طبيعي وهادئ، ورغم أنه أصغر في السن إلا أنه تأثر بالإدمان نتيجة للإهمال الذي تلقاه من بعض أفراد أسرته، وأيضًا بسبب التعرف على أصدقاء أكبر منه في السن يتسمون بسلوكيات سلبية مما أدى إلى تغيير تدريجي في سلوك الشاب بشكل سلبي حتى أصبح مدمنًا، حيث لاحظ الآباء إصابة ابنهم بمشكلة الإدمان، مما دفعهم إلى الاتصال بمستشفى الصحة النفسية للبدء في علاجه وتم نقله للمستشفى حيث بدأت مرحلة العلاج، ورغم التحديات في المرحلة الأولية، إلا أن الشاب تجاوز تلك الصعوبات بالعزيمة والاصرار.

قال د. علي إن الأفراد المدمنين يخسرون السيطرة تمامًا عند تعاطيهم للمواد السامة، مما ينجم عنه فقدان الوعي وظهور سلوكيات عدوانية تصل إلى الاعتداء على الوالدين، تهديدهم بالسلاح الأبيض، وتنفيذ أفعال غير متناسبة مع العقلانية، مما يجعل المدمن على الشبو خارج نطاق العقل والإنسانية.

أكد د. علي على أهمية دعم المريض في مرحلة التعافي، حيث شدد على ضرورة الابتعاد عن الأصدقاء الضارين واللجوء إلى هوايات ومهارات جديدة كوسيلة لتجنب الانجراف مجددًا نحو مسار الإدمان.

الندم والخجل

”عبدالله“ يحكي عن تجربته المروعة مع الإدمان، وكيف دمر حياته وعلاقته بأسرته بسبب السرقات والتهديدات، ويتحدث عن تراجعه عن مساعي الشفاء بمحاولة سرقة سيارة، مما أدى إلى اعتقاله وقضائه فترة في السجن، وكيف شعر بالندم والخجل بسبب الأضرار التي سببها لأحبائه ونفسه.

”عبدالله“ يشير إلى أنه بعد انتهاء مدة سجنه، خرج متخوفًا من رد فعل أسرته، التي لم تزره طوال فترة سجنه، وكانوا يشعرون بشك كبير بشأن إمكانية عودته لطريق الإدمان.

ظلال الإهمال

يروي د. علي قصة شاب أيضاً، في سن المراهقة، فقد المريض والده عندما كان في التاسعة، وكان جده المسؤول عنه بعد زواج والدته. ورغم ذلك، لم يحظَ بالاهتمام والاحتواء من قبل العائلة توجه المريض إلى الأصدقاء المدمنين، وفي سن 14 عامًا أصبح مدمنًا، ما أدى إلى غيابه عن المنزل والمدرسة، حيث يبحث جده عنه ويجده في حالة سيئة عند عودته عندما اكتشف الجد لسجائر الحشيش المخدرة مع حفيده، قام بنقله إلى المستشفى للعلاج.

حذّر د. علي عند ترك المريض المستشفى وواجه نقصًا في الاهتمام والاحتواء، قد يعاود التعاطي ويفشل في متابعة الخطة العلاجية بشكل كامل. عدم الاهتمام وعدم السؤال عن احتياجات المراهق العاطفية يجعله يظهر غير مبالٍ لذاته وبعيدًا عن الأسرة، يتغيب عنهم لفترات طويلة في الأيام والأسابيع.

مرحلة النقاهة

قال، أخصائي الإجتماعي ”مهدي الخميس“ يجب أن تبدأ الأسرة بفحص أسباب إدمان المدمن، سواء كانت مشكلات مادية أو عاطفية أو ضغوط نفسية. بعد ذلك، يتعين على الأسرة العمل على حل تلك المشكلات وتشجيع المدمن على الالتحاق بمركز متخصص لعلاج الإدمان. يجب متابعته خلال فترة العلاج وتقديم الدعم اللازم حتى يتغلب على أعراض الانسحاب ويبلغ مرحلة النقاهة.

وأضاف ”الخميس“، يمكن تعزيز الوعي بمشكلة الإدمان على الشبو والحد من حدوثه من خلال إقامة ندوات تعريفية حول الشبو وأضراره. يجب تنظيم مبادرات لرفع مستوى الوعي بالتأثيرات النفسية والجسدية الضارة وتحذير الناس منه. وزارة التعليم قامت بتنفيذ هذا النهج في المدارس لنشر الوعي بين الطلاب والطالبات. وتوجد برامج وحملات موجهة للشباب، ومن بينها مبادرة ”كن أكثر وعياً“ التي تهدف إلى توعية طلاب وطالبات المدارس بمخاطر الشبو وأضراره. تشمل هذه المبادرة شرحًا لمادة الشبو كمادة كيميائية تؤثر بشكل سلبي على الجهاز العصبي المركزي. ويتم التنسيق مع الجامعات والكليات والمعاهد لتنفيذ المبادرة بشكل أكبر وأوسع.

وأضاف ”الخميس“ تواجه الأفراد المدمنون تحديات نفسية واجتماعية وجسدية، مثل الاكتئاب وصعوبة بناء علاقات جديدة واستعادة الثقة. من بين التحديات الجسدية، هناك ضعف في الجهاز المناعي وزيادة خطر الوفاة وضعف في هيكل وقوة الجسم. التصدي لهذه التحديات اجتماعيًا يكون من خلال دعم المدمن، وإقناعه بالالتحاق بالعلاج، وتقديم الدعم خلال فترة العلاج لضمان تحقيق الشفاء واستعادة الاستقرار الصحي.

الشبيهة بالثلج

أكدت النيابة العامة أن المسؤولية الجنائية عن الأضرار الجسيمة للمخدرات والمؤثرات العقلية تقع على عاتق من يتناولها، وكل من يشارك في تناولها أو تعاطيها. وأوضحت أن مادة الشبو، المعروفة أيضًا بالميثامفيتامين، مدرجة في الفئة «ب» بالجدول الثاني لنظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية المعتمد في اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1971، والمعروفة بالقائمة الخضراء التي تصدرها الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات. "

أوضحت أن مادة الشبو تعرف بعدة أسماء منها «الشبو»، و«الكريستال ميث»، و«الآيس»، و«الثلج» و«جلاس»، وأشارت إلى أن طرق تناولها تتنوع ما بين الاستنشاق عبر الأنف، والحقن، والتدخين، والبلع.

وأوضحت أن أعراض تعاطي الشبو تتضمن فقدان الوزن والشهية، وتوسع حدقة العين، وعدم النوم لفترات طويلة، والحركات اللا إرادية بالوجه، ونوبات حادة من الغضب، وتقلب المزاج، والهلوسات السمعية والبصرية، وتسوس وتساقط الأسنان، وارتفاع معدل التنفس وضربات القلب، وحكة الجلد، وجفاف الفم وشحوب الجلد، وتكوين سلوكيات غير أخلاقية، وارتكاب جرائم مروعة.

وأكدت أن الأمراض الصحية المترتبة عن مادة الشبو تشمل فقدان الذاكرة، وفرط النشاط، والسلوك العدواني، والعصبية، والعنف، واضطرابات نفسية وجسدية، والإصابة بمرض الذهان، وظهور علامات الشيخوخة المبكرة، وتلف خلايا المخ، والإصابة بأمراض القلب والسكتات القلبية والوفاة.

كما أوضحت النيابة العامة، أن الدعوى لا تقام بسبب تعاطي أو استعمال أو إدمان المخدرات أو المؤثرات العقلية، بحق مرتكب أحد هذه الأفعال، إذا تقدم بنفسه أو أحد أصوله أو فروعه أو زوجة أحد أقاربه طالبًا علاجه. وأن ‏المخدرات آفة خطيرة تهدّد الأمن والمجتمع والصحة.

العدوانية الشديدة

روى الحمود، تعدّ مادة الشبو المعروفة بالكريستال، واحدة من التحديات الصحية المتزايدة في منطقتنا، يعود تاريخ هذه المادة إلى ما يقرب عشرات السنين، حيث يعتبر مركبها الرئيسي هو الميثامفيتامين، تتميز الشبو بتأثيرها السريع والشديد، مشابهة لاشتعال الفتيلة. يُصنّف الشبو ضمن عائلة الأمفيتامينات ويتميز بعدوانيته الشديدة وتأثيره على العقل بشكل جنوني، مصحوبًا بالهلاوس والشكوك. "

عواقب جرائم المخدرات

أوضحت وزارة الداخلية السعودية العقوبات المقررة لجرائم المخدرات، في سياق نظام مكافحة المخدرات في المملكة العربية السعودية، يتم تفصيل العقوبات وفقًا لأدوار المهرب، المروج، والمتعاطي، في إطار جهود الحكومة لمكافحة هذه الجرائم.

تجاه المهرب، يفرض النظام أشد العقوبات، حيث يُعاقَب بالإعدام. يعتبر تهريب المخدرات وإدخالها إلى البلاد فسادًا عظيمًا يمتد ليؤثر في الأمة بأكملها تتسبب في أخطار جسيمة وأضرار بالغة.

فيما يتعلق بالمروج، يقوم النظام بتفريق العقوبات بين من يقوم بترويج المخدرات للمرة الأولى والعائد بعد صدور حكم سابق بالإدانة في جريمة تهريب أو ترويج. في الحالة الأولى، تشمل العقوبة الحبس أو الجلد أو الغرامة المالية أو تلك العقوبات مجتمعة وفقًا للنظر القضائي. أما في حالة العودة إلى الترويج، فتشدد العقوبة وقد تصل إلى القتل، كوسيلة للتصدي للشر العائد الذي يهدد المجتمع بعد تأصل الإجرام في نفسه وتحول إلى المفسدين في الأرض.

فيما يتعلق بالمتعاطين، يُعاقَب بالحبس لمدة سنتين ويُعزر بناءً على قرار من الحاكم الشرعي، وإذا كان أجنبيًا يُبعد عن البلاد. لا تُقام دعوى عمومية ضد من يتقدم للعلاج بنفسه، بل يُوجه للعلاج في مستشفى لعلاج المدمنين، وتأتي هذه السياسة تنفيذًا لتوصيات الأمم المتحدة، مع اعتمادها على ممارسات متبعة في دول العالم، وتعكس روح الرعاية لمرضى الإدمان والجهود المستمرة لعلاجهم من هذا الداء.

كن إنسان عظيماً

قال الحمود، أيها الشاب والشابة، يجب أن ندرك أن الإدمان لا يميز بين الجنسين أو الأعمار، تشير الحقائق إلى أن جميع فئات المجتمع عرضة لخطر الإدمان. يوجد لدينا العديد من الأمثلة في أجيالنا، من الأجداد والجدات إلى الشباب والبنات. يستهدف الإدمان جميع شرائح المجتمع، وإذا لم يكن هذا واضحًا بالنسبة لك، فقد تقلل من قيمتك لنفسك. هناك أشخاص حولك يهتمون بك، وهناك أم ودولة قد تكون حنونة عليك.

يذكر أن الحملات الأمنية ليست لتدمير متعتك، ولكنها جزء من جهودنا لتحفيز القيم الداخلية لديك. وفي مواجهة التحديات، استلهم من الحوافز الخارجية التي تأتي من أهلك ووطنك لتكون وسيلة لتحفيز الطاقة الداخلية التي نحتاجها كمعالجين. لكن لا تنسَ أن الحافز الحقيقي يكمن في قرارك التاريخي، فقرارك بالتبطيل هو الحافز الداخلي الذي يجعلك إنسانًا عظيمًا، كن عظيمًا في هذا القرار التاريخي، وافرح بالتحول الإيجابي الذي ستحققه في حياتك.