آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 4:17 م

علاقات تشيخ وتهرم

العلاقة الزوجية لا يمكن التنبؤ بمسارها المستقبلي المتجه نحو الاستقرار والنجاح أو الاضطراب والتوترات المنتهية بالانفصال العاطفي، وذلك أنها علاقة مشتركة تتقوم بالعمل والجهود المبذولة من الطرفين في سبيل إسعاد الآخر والتعامل بأريحية واحترام، ومن يتصور أن العلاقة الزوجية تستقر وتثمر بدون بذل أي مجهود فهو واهم، كما أن الانسجام بين الشريكين والإشباع العاطفي الذي يشعر به هو حصيلة مواقف متبادلة يشعر فيها كل طرف بما يكنه له الآخر من تثمين وامتنان لدوره في هذه العلاقة، وهنا يأتي دور التأسيس والتأكيد من خلال ما تلقاه من التربية الأسرية للشاب والفتاة على مبدأ الأخذ والعطاء في الحياة ومعاملة الطرف الآخر في أي علاقة على أساس الاحترام والتفاهم والمشاركة الوجدانية عند مرور شريكه بأي مشكلة أو القيام بالتخطيط لتطلعاته، وأما التدليل الزائد وعدم تحمل المسئوليات والتحلي بالأنانية والمصلحية الضيقة فكلها ستكون عامل تنغيص على الحياة الهانئة المنشودة والمتطلع إليها، كما أن الثقافة الزوجية وفهم حقيقة هذه العلاقة ومقوماتها وعوامل الهدم فيها، يضع الزوجين على منصة العمل المشترك على تجاوز ما يواجههما من مشاكل وخلافات وعراقيل، والتعامل معها بمهنية وجدية وذلك من خلال الحوار الهادئ والبحث عن الحلول الممكنة وتنفيذها دون تلكؤ أو تسويف.

التبدل في مشهد العلاقة الزوجية من مرحلة العسل وتبادل الكلمات الرقيقة والشعور بالراحة النفسية، إلى مرحلة الجفاف والتصحر العاطفي حيث يقفز إلى المشهد الاحترام المتبادل مع صمت وبرود في علاقتهما، وكأنها أضحت علاقة بين زميلين في الدراسة أو العمل حيث يسودها احترام الآخر دون أن تصل إلى مستوى الانسجام والمودة، إذ أهم مقومات العلاقة الزوجية وهي الجاذبية للآخر وتبادل المشاعر الصادقة «الرومانسية» والاشتياق لرؤية الآخر بعد يوم طويل من العمل، غياب هذا العامل الإيجابي يشي بالكثير من التبدلات والمؤلم فيها عدم الالتفات إلى افتقاد جريان المياه في نهر المحبة بينهما، وكأن علاقتهما قد شاخت وبلغت مرحلة الضعف والترهل وهذا واقع يريانه أمرا طبيعيا في العلاقات الزوجية، والتي تفقد نكهتها وقوتها بعد تقادم السنين، وبلا شك أن هذا الواقع الجديد ينعكس على نفسية وعاطفة كل واحد منهما، وقد تحطمت تلك الصورة الجميلة وأصبحت من الذكريات التي يستعيدها الزوجان من خلال ملف الصور «الألبوم»، فيصاب كل واحد منهما بالتحسر على تلك الأيام الجميلة ويتمنى رجوعها مع فقدانه لليقين بذلك، كما أن الحياة الزوجية في هذه المرحلة تتصف بالملل والرتابة ويقتلها الروتين، ويقوم الزوجان بمسئولياتهما المنزلية كاملة ولكن دون أن يستطعما رونقها وجمالها، وما يزيد في تعقيد علاقتهما ويقضي على ما تبقى من جمالها هو توجه كل واحد منهما إلى العالم الافتراضي في وسائل التواصل الاجتماعي، فينفصل عن واقعه ويستمتع بتصفح المواد المعروضة والمرئية ويستأنس بتبادل الأحاديث في برامج الدردشة الكتابية بينما علاقتهما الزوجية تنهار وتتساقط أعمدتها دون أن يبذلا أي جهد لإحيائها وتجديد الدماء فيها، فالمبادرة إلى تجديد العلاقة وتجنب الروتين من خلال تحمل المسئولية، فإرادة الحل - بدلا عن تبادل الاتهامات وخلق الأعذار - تأتي على شكل تخصيص بعض الأوقات للجلوس معا وتبادل الأحاديث، كما أن النزهة في نهاية الأسبوع لوحدهما سيدفع الملل وتبدأ شجرة الجاذبية والمحبة تنمو وتورق بكل تأكيد مع الإصرار والاستمرار.