آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 10:41 م

هل الكتابة تحسن الصحة

طالب عبد الحميد البقشي *

من المعروف أن الصحة العامة من أولى اهتمامات الإنسان لإدراكه أن سعادة الحياة لا تكتمل إلا بالسلامة الجسدية والعيش بلا أمراض، وبطبيعة البشر أن بدايات العمر للإنسان غالباً خالية من الأمراض والأعراض الصحية ومع تقادم العمر قد يصاب الإنسان بنوازل وأمراض في الصحة.

من هنا يبدأ الإنسان مرحلة الإدراك والوعي والعناية بحالته الصحية والبحث في كيفية التداوي بشتى السبل وإنفاق الأموال في سبيل المحافظة واستعادة الصحة، وتجد البعض يستشير الأطباء في كيفية تخفيف أعراض المرض، لا سيما الأمراض المزمنة والمستعصية التي تسبب آلام تؤرق الإنسان في مسيرة حياته، فيجرب بعض المرضى كثير من الوسائل المتنوعة كاستخدام العقاقير أو الطب البديل أو الإبر الصينية وجلسات اليوغا والاسترخاء في سبيل التعافي من أعراض معينة.

ويؤمن كثير من الأفراد أن التشافي لا يتم إلا باستخدام الأدوية والعقاقير، إلا أن العلم الحديث أثبت بالتجارب العلمية أن هناك وسائل وطرقاً حديثة تساعد الأفراد على الاستشفاء الجسدي من أعراض بعض الأمراض من خلال عدة طرق مبتكرة مؤثرة بشكل مباشر تساعد على أن يتمتع الإنسان بحالة صحية مستدامة، وتمد في عمره، ومنها الاستشفاء بالكتابة والاستشفاء بالقراءة واستخدام جلسات اليوجا أو ممارسة برامج الاسترخاء أو تعلم البرمجة العصبية

وإتقان إدارة المشاعر، فقد ذكر أن بداية الثمانينيات كان مُنظِّرو البرمجة اللغوية العصبية قد انطلقوا لتطوير محاولات علاج القلق والاكتئاب إلى الصرع ونزلات البرد ومرض باركينسونز والسرطان.

وفي تقرير جديد نشره موقع ”ريدرز دايجست“ ”Readers Digest“ أوضح أن الكتابة والتأليف، وخاصة كتابة الشعر والقصائد، يؤدي إلى تقليل إفراز هرمون الكورتيزون المضر بالإنسان، ويؤدي إلى تحسن مزاجه العام وتوفير الراحة والاسترخاء له.

ومن المعروف علمياً أن هرمون الكورتيزون يؤثر سلباً على أجساد البشر، حيث يتم إنتاجه في الغدد الكظرية عندما يدخل الإنسان في حالة من التوتر، ويؤثر سلباً على صحة الشخص، حيث إن إفرازه بشكل زائد يؤدي إلى زيادة دهون البطن والالتهاب العام وجفاف الجلد وأعراض أخرى سيئة.

وقد أشار علماء وباحثون إلى أن الكتابة من شأنها أن تحسن صحة الشخص، وأنها مفيدة لحياته العامة، وهذا ما يقودنا للتقصي والبحث في سير وحياة الكتاب ومدى ارتباط الكتابة وتأثيرها على حقيقة القول إن الكاتب يعيش حياة أطول، ويتمتع بصحة أفضل مقارنة بأقرانه الذين لا يكتبون ولا ينغمسون في التأليف.

وقد يكون هذا الادعاء قريباً من الحقيقة، أو يطابقها بدليل أن نشاط الكاتب تحيط به أجواء هادئة في غالب الأوقات؛ مما يجعله يسترسل في إشغال العقل بتجميع الأفكار للتأليف والاطلاع على الكتب والابتعاد عن التوتر وهموم الحياة المتراكمة في عقله والولوج في عالم الثقافة والاستغراق في حالة من الاسترخاء والهدوء؛ وبذلك يتحسن المزاج العام والرغبة في النوم والراحة وبتالي صحة أفضل.

وتعد الكتابة وسيلة لإخراج الأفكار السلبية والمشاعر المكبوتة التي لا نستطيع البوح بها والتعبير عنها، وهو من أنواع العلاج النفسي والروحي التي تجعل الجسد يفرغ شحنات التوتر والقلق والاستمتاع بحالة من الهدوء والاسترخاء والراحة وتحسن في الصحة إضافة لتقوية الجانب الأدبي لدى الفرد كما ذكر في موقع ”Positive Psychology Program“.

وقد أجريت تجارب على عدد من الأشخاص يعانون بعض الأمراض البدنية مثل الربو والتهاب المفاصل الروماتويدي؛ ووجد أنه بعد الانتظام على الكتابة سجل تحسنا في صحتهم النفسية وتحسنا ملحوظا في أعراض المرض كذلك.

لذلك أقول لأصدقائنا القراء في ضوء عصرنا المتسارع والمشحون بضغوط الحياة ومعاناة الكثير من التوتر والقلق لنتعلم مهارة الكتابة فلولم ننعم بالاسترخاء والهدوء وتحسن صحتنا العامة، فإننا اكتسبنا مهارة أدبية جديدة، وتعرفنا على كيفية إدارة صحتنا الشخصية وكتاب ”لياقات الكاتب“ لمؤلفته دورثي براندي من الكتب التي تعلم الكاتب المبتدئ كيف يضع قدمه على الطريق الصحيح في الكتابة.

وأخيرا أشيد بصديقنا الكاتب والمؤلف القدير يوسف الحسن صاحب مشروع ”كتابة ألف مقال عن القراءة“ واجتهاده في تحقيق هذا الإنجاز الثقافي في مدة زمنية قياسية، وأدعو الله له أن يتم هذا المشروع، ويمتعه بدوام الصحة والحياة الهادئة وطول العمر.