آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

كيف لاستراتيجية أن تُغضب عميلاً؟

الدكتور مصطفى المزعل * صحيفة مال الاقتصادية

يذهب طالب جامعي إلى معرض ايكيا لتأثيث شقته، ويجد كل ما يبحث عنه، فتعجبه تصاميم قطع الأثاث وأحجامها وأسعارها، وبعد الانتهاء من جولة صالة العرض الداخلية، يتجه للقسم الأخير من معرض ايكيا لاستلام الأثاث الذي اختاره من على رفوف التخزين العملاقة، فطاولة الطعام ومقاعدها التي انتقاها على سبيل المثال، جميعها مفكّكة ومجمّعة بداخل صناديق جاهزة للشحن، بعد ذلك يتجه هذا الطالب لشقته سعيدا راضيا عن تجربته! على النقيض من ذلك، تأتي تجربة رجل متقاعد ومقتدر ماديا، يذهب لإيكيا باحثا عن طاولة طعام هو الآخر، لكنه يتوه في ممرات المعرض باحثا عنها، ثم ينزعج حينما يعلم عن حاجته لاستلام الطاولة بنفسه من على رفوف التخزين، وينزعج أكثر عند معرفته بحاجته لإيصالها وتركيبها بنفسه، إلا إذا كان مستعدا لدفع رسوم شحن وتركيب إضافية، والانتظار لأسبوعين حتى يحين موعد التوصيل.

المثالان السابقان يوضحان كيف لاستراتيجية أعمال تجارية أن ترضي فئة، وتزعج أخرى، نعم، فالاستراتيجية تهدف للتفرد والتميّز في خدمة أو مجال معين، عوضا عن السعي للتميز في كل المجالات، ايكيا على سبيل المثال تهدف ضمن استراتيجيتها لتقديم أثاث بأسعار منخفضة، وتصاميم جميلة لفئة متعلمة من الناس، ومحدودة الميزانية، وتعيش في منازل صغيرة.

كل ما سبق من هذه الصفات المذكورة هو بمثابة البوصلة لتصميم وتصنيع الأثاث لدى ايكيا، فجزء من الحفاظ على الأسعار المنخفضة هو التركيز على تقليل التكاليف، والذي يتضمن على سبيل المثال لا الحصر، فكرة تجميع وتخزين مكونات وقطع الأثاث في صناديق صغيرة يسهل شحنها، وتخزين العديد منها في مساحات محدودة، وتصمم تجربة زيارة المعرض بحيث يخدم العميل نفسه حتى الوصول لوحدة المحاسبة للدفع، ولأن التميّز في التصاميم والتفرّد في بساطتها هو مما تسعى إليه الشركة، فيتم صرف الأموال والاستثمار في جانب التصميم أكثر من غيره.

دكتوراه الإدارة الهندسية التكنولوجية