خطباء واعدون ”الشبل الحسيني ملا أمير سلمان عبدالله آل الشيخ“
الخطابة الحسينية قديمة قدم المصيبة التي ألمت بالحسين واله بيته وأصحابه ، وهي حادثة الطف الحزينة التي تمتاز بقدسيتها وتأريخها الأليم الحافل بالمصائب العظام والجرائم الجسام، فطريق المنبر الحسيني الذي من خلاله تطالع وتشاهد ملامح وتتصور كيف استشهد سبط رسول الله ﷺ.
قال الله تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [1] ، جاءت هذه الآية الشريفة بمضمون مليء بالمصداقية ولم تأت عشوائيا، فالشعائر الحسينية طاقة وجهاد وعمقها الرسالي ذاك المنبر المقدس الجوهري الذي يعزز الإيمان والذكر لله عز وجل فهي ممارسة تربط روحنا وعاطفتنا مع الله والحسين والذي قدمه من أجل الأمة، ولأن في ذلك حياة الإنسان وبياض روحه ونقاء سريرته فقد نتج من هؤلاء الخطباء جيل يعقب جيل.
ويلاهُ ما حالُ البتولِ وقد سُلبتْ بعرصةِ «كربلا» قلبا.
أسفي لها والحورُ تسعدُها بالنوحِ وهيَ تصيحُ يا ربا
وِلدي وأطفالي أبادهمُ صرفُ الردى أيُرى لهمْ ذنبا؟ [2]
وللمنبر الحسيني الشأن الكبير، ولا يزال هو الحجر الأساس الذي أسس وساهم بشكل عظيم في وصول نهضة أبا عبد الله الحسين للأجيال القادمة، فإحياء الشعائر بالبكاء والعويل والعزاء والنياحة ما زالت إلى الآن فالشيعة الموالون متمسكين ومحافظين ومطورين أيضا لتلك المراسيم المحمدية، ولكل جيل خطباء واعدين والمنابر تشغل الفكر وتوصل المصيبة وباتت الطقوس على مدار العام وخاصة شهر محرم الحرام يتجدد به الحزن ويخرج مجموعة أشبال حسينية تحيي شهادة النبي وآله الأطهار، ومن هذه المجموعة شخصية حسينية مثابرة سنتحدث عنها.
إنه الملا أمير بن سلمان بن عبدالله آل الشيخ، ولد في 7/03/2016 م ونشأ في مدينة الدمام وسكنه بلدة العوامية وترتيبه الابن الأول في العائلة، ولا يخفى عن الأغلب أن هذه الأسرة الكريمة جل شخصياتها من أهل الفضل والتقى والعلم والعلماء والخطباء، تربى في وسط عائلة ”أباه وأمه“ محبة لأهل البيت ، نعم من صغار الأشبال لكنه يتناول النعي بأريحية وهدوء، يقرأ بالعامي ”الشعبي“ والفصيح وغالبا ما يسهل عليه يتحرى الإتيان به، صوته مميز هادئ حسيني منذ أعوامه الأولى، والعمامة التي على رأسه ما هي إلا رمز للخطيب المصغر وليست استحقاق كعالم دين ”إجابة عن لماذا يرتدي العمامة“.
حاليا يدرس في المرحلة الابتدائية النظامية، وسائرا في التعلم ليكون له شأن في الخطابة المنبرية، حيث فتحت له أرض العوامية المحروسة ذراعيها وذلك تشجيعا وإتماما بما قدماه الوالدان من العطاء المثمر الذي جعل منه شبلا حسينا، ومازال يواصل دراسته الحكومية ليلتحق بالدروس الحوزوية، أما عن دراسته الخطابية فلم يحظ بأي دراسة خاصة تعلم تعليما ذاتيا من نفسه، ويعتبر البذرة من أصل الأب والأم إذ هما من غرسا فيه حب المنبر الشريف.
منذ عامه الثالث وهو يطمح أن يرتقي المنبر الحسيني، متأثرا بخطابة سماحة السيد مجاهد الخباز حفظه الله، ولذلك كما ذكرنا سابقا كان التشجيع والبيئة الطيبة من والديه والرغبة والتوفيق هي من حملته ليقرأ أمام الملأ ”المستمعون“ ويرجح في ذلك رغبته وحبه لخدمة الحسين حيث يراجع ويطالع ويستمع إلى من قبله من الخطباء البارزين، ويتعلم منهم ويخطو خطاهم النبيلة التي يريد بها رضا الله وآل بيته صلوات الله وسلامة عليهم.
في سن الخامسة من عمره ارتقى المنبر الشريف وهذه كانت البداية والانطلاقة الأولى من بيت جده بالعوامية في مأتم الإمام الهادي ، وكانت القراءة عن المقتل الدامي لاستشهاد أبا عبد الله الحسين ، وما زال حفظه الله للسنة الثالثة على التوالي يقرأ، فقد قرأ في مأتم الزهراء بالعوامية ومسجد الرسول الأعظم في الدخل المحدود والحسينية الفاطمية في الأوجام ومسجد الإمام الصادق ومسجد العباس بالعوامية.
يحاول ما استطاع أن يتذاكر سنه ويفتح له آفاق معرفية من مجالسة العلماء والخطباء أو الاستماع لمجالسهم، ورغم صغر سنه إلا أنه يبحث ليثري معلوماته بقد الإمكان، اسأل الله العلي الكريم أن يمن عليه، ويحفظه ويجعله ممن يثلج الصدور ببركة النبي محمد وآله وأن يمده بالمعرفة والعطاء لخدمة آل البيت أنه سميع مجيب الدعاء.