آخر تحديث: 6 / 10 / 2024م - 9:39 م

أمةٌ لا تدخر أمةٌ لا تستثمر «1»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

من أشهر المقولات عن الادخار، والتي تتعارض تماماً مع“اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب”، والتي تتفوق كذلك على المقولة الشائعة على ”قَدرّ لحافك مدّ رجليك“. تلك هي مقولة المستثمر الحاذق وارن بافت: ”لا تدخر ما يتبقى بعد الإنفاق، بل أنفق ما يتبقى بعد الادخار“، أو ”ادخر ثم استهلك“.

عملياً، تتفاوت وجهات النظر بشأن الادخار الأُسري، وبالتالي السلوك الادخاري، ولعل المقولات الثلاث السابقة تختزل ثلاث مدارس فكرية يتبعها الأشخاص، بوعي أو بدون وعي. أما التحيز هنا وبدون مواربة فهو اتجاه المقولة الثالثة، فبالإمكان ادخار أقل القليل، وفي حال عدم كفاية الدخل والادخار والاستهلاك يكون الاستقلال المالي للأسرة مهدداً، ولابد من التعامل إيجابياً مع هذا التهديد.

إجمالاً، تعتمد الاقتصادات على المدخرات الأُسرّية لتمويل الاستثمارات الرأسمالية، باعتبار أن حصيلة الخزينة من الضرائب والرسوم تنفق لتغطية الإنفاق التشغيلي للحكومة. ولذا، فللادخار في تلك الاقتصادات أهمية حرجة، فإن انخفض تأثرت سعة الاقتصاد وبنيته التحتية والعكس بالعكس. والأمر يختلف في الاقتصادات التي تعتمد ماليتها العامة على المتحصلات من بيع الموارد الطبيعية، فلدينا في المملكة، الحاجة للادخار الأسري قائمة، لكن - عادةً - لدرجة أخف نتيجة أن جزءاً من الإنفاق الاستثماري مصدره أموال الخزانة العامة، المتأتي معظمها من الإيرادات النفطية. وهنا لابد من الإشارة إلى أن الإنفاق الرأسمالي «إجمالي تكوين رأس المال الثابت»، أخذت حصة الحكومة منه تتناقص بالتدريج لتكون الازاحة للإنفاق غير الحكومي؛ فمثلاً في الربع الأول من العام الحالي «2023» بلغ الإنفاق الرأسمالي للحكومة 14,3مليار ريال مقابل 209 مليار «94 بالمائة» غير حكومي، في حين أن نصيب الإنفاق الرأسمالي غير الحكومي لم يتجاوز 56 بالمائة في الربع النظير من العام 2010. يتبع.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى