آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 1:52 ص

النشاط الاجتماعي

محمد أحمد التاروتي *

الأنشطة الاجتماعية على اختلافها تعكس طبيعة التفاعل الداخلي، مع التطورات والمستجدات، فالجمود ينم عن ”موت“ سريري للعديد من الفئات الاجتماعية، فضلا عن انعدام المبادرة لدى بعض الأفراد، تجاه ما يحصل في الواقع الخارجي، خصوصا وأن توظيف الأحداث بالطريقة الإيجابية يسهم في الارتقاء بمستوى الفكر، لدى العديد من الشرائح الاجتماعي.

النظرة إلى الحركة المستمرة للمجتمع، تختلف باختلاف المنطلقات والمرتكزات الفكرية لدى الأفراد، فتارة تكون النظرة ثاقبة وغير سطحية، بحيث يترجم على أشكال متعددة، بعضها ذات علاقة بطبيعة شبكات العلاقات الداخلية، والبعض الآخر مرتبطة بالآليات المستفادة من التطورات المتلاحقة على الساحة الخارجية، وبالتالي فإن تأطير النشاط الاجتماعي باتجاه محدد يكشف حالة من القصور في التعاطي مع الأحداث، الأمر الذي يستدعي وضع الإطار الجامع للاستفادة من الحركة الاجتماعية، بما يعود على الجميع بالفائدة الكبرى.

الاختلاف في التعاطي مع الأنشطة الاجتماعية، جزء من الطبيعة البشرية المرتبطة بالإيمان الكامل، بجدوى بعض الممارسات على الصعيد الاجتماعي، الأمر الذي يتجلى في التفاني والذوبان الكلي أو الجزئي، في الاستفادة من تلك الأنشطة، كونها ذات أثر بالغ في تحريك الواقع الاجتماعي بالاتجاه السليم، بينما ينظر الطرف الآخر تجاه الأنشطة الاجتماعية، بطريقة مختلفة للغاية، وعلى النقيض تماما، حيث يكون التشكيك في قدرة تلك الأنشطة على إحداث تغييرات حقيقية، في الجسم الاجتماعي أبرز ملامح تلك النظرة ”التشاؤمية“، مما ينعكس على طريقة التفاعل والتعاطي مع تلك الأنشطة، فتارة تكون النظرة السلبية نابعة من رؤية ثاقبة، وقدرة على استنتاج المحصلة من تلك الأنشطة الاجتماعية، وتارة أخرى يكون الموقف السلبي ناجما عن قصور في الرؤية، واستجابة لبعض الضغوط الداخلية، وبالتالي فإن اتخاذ المواقف تجاه هذه الفئة ينطلق من الآليات المتبعة في تحديد النظرة، لتفادي الدخول في مواجهات مباشرة تكون تداعياتها سلبية.

النتائج العملية للأنشطة الاجتماعية، تمثل المعيار الحقيقي لقدرتها على الارتقاء بالبيئة الاجتماعية، فإذا كانت المحصلة متواضعة، وغير مشجعة للغاية، فإنها تكشف تواضع التخطيط، وكذلك انعدام القدرة على تسخير الأنشطة بالطريقة المثالية، نظرا لصدور قرارات غير مدروسة وأحيانا ارتجالية، الأمر الذي انعكس بصورة مباشرة على خروج الأنشطة الاجتماعية عن المسار المرسوم، فيما تمثل النتائج الباهرة للأنشطة الاجتماعية القدرة على تسخيرها بالطريقة المطلوبة، من خلال استقطاب الكثير من الطاقات، والعديد من الفئات الاجتماعية، الأمر الذي ساهم في انصهار الجميع باتجاه هدف موحد، نظرا لأهمية إبراز تلك الأنشطة الاجتماعية بالطريقة المناسبة، خصوصا وأن الأنشطة الاجتماعية تمثل جزءا من الهوية الثقافية للمجتمع، مما يستدعي تسخير كافة الظروف، والعمل على إزالة جميع العقبات في سبيل تحقيق النجاحات، وعدم الاستسلام للصعوبات التي تعترض الطريق.

القدرة على إطلاق المبادرات الإبداعية، والعمل على استقطاب مختلف الشرائح الاجتماعية، عملية أساسية في عملية استمرارية الأنشطة بالمجتمع، خصوصا وأن المبادرات التقليدية والمعلبة تصيب الجانب الإبداعي بالشلل التام، وبالتالي فإن الحركة المستمرة لإخراج الأنشطة الجديدة على الدوام، عنصر أساسي في استمرارية ”الحياة“ في البيئة الاجتماعية، نظرا لقدرة الأنشطة الجديدة على لفت الانتباه، وبالتالي الحصول على النتائج المرجوة، بحيث تتمثل في استقطاب العديد من الفئات الاجتماعية، التي تحاول اكتشاف المزيد من المعارف، والكثير من التجارب عبر الانخراط المباشر، في الأنشطة على اختلافها، مما يعني الحصول على الفوائد العديد على الصعيد الخارجي.

يصعب حصر الأنشطة الاجتماعية ضمن إطار ضيق أو محدود، فكل حركة ذات أثر اجتماعي، وقدرة على تحريك المياه الراكدة في المجتمع، تمثل حالة إيجابية تستدعي الدعم، والوقوف خلفها، نظرا لانعكاساتها على الجزء الأكبر من الحياة الاجتماعية، وبالتالي فإن محاولة وضع أسلاك شائكة أمام الأنشطة الاجتماعية، لا يخدم المسيرة لدى المجتمع، بقدر ما يسهم في قتل روح المبادرة، وتكريس حالة الجمود لدى الجميع.

كاتب صحفي