آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 1:22 م

لا.. ليس أنت

محمد العلي * مجلة اليمامة

«هل أخطأت طريقي/ حين اخترت الحرف فضاء وجناحا؟ / أطلق قلبي في ملكوت الذكرى/ أبحث في نفق لا ضوء به/ عن برق مسجون يرسم لليل صباحا؟ هل أخطأت طريقي/ فانسكب الحرف على دربي شوكا وجراحا؟»

هذا النزف الشعري الفاجع، لو قاله غير عبد العزيز المقالح لما أصغينا إليه، أو لتذكرنا قول ذلك المنافق الذي فرق بين السلوك العملي والسلوك النظري لأي أديب خر مصباح التنوير من يده في منتصف الطريق، عندما لذعت قدمه أول شوكة، بحجة أن السلوك العملي مرتبط بالواقع، والسلوك النظري مرتبط بالخيال. ولكن من قال هذا هو الشاعر اليمني الكبير عبد العزيز المقالح الذي قال: «لا تلتفت/ فربما أهرقت ما أبقت لك الأيام من دموع/ خسرت ما أبقت من الرشاد/ حين ترى الشموس والأقمار والشموع/ صارت تحولت إلى رماد» من يقول: لا تلتفت، حتى لو اختفى الضوء من طريقك، لا يمكن أن يئن من الشوك، لكنها مجرد نفثة مصدور. لقد حمل هذا الشاعر بلاده على كتفيه، بل ضم في قلبه كل بلاد حملت لواء التنوير، فها هو يرسل «قبلة إلى الصين» «متى أمر تحت قوس النصر في ساحتك الحمراء/ أرسم قبلة الجبين/ جبينك الأخضر يا بكين/ أطلق باسم اليمن الخضراء/ حمامة بيضاء»

هل يحتاج هذا الشاعر إلى من يذكره بقوافل من حملوا المصابيح خلال كل التاريخ، وما لاقوه من العذاب والتنكيل، بل بالحرق أحياء؟ لا أظن، فهو يعرف ذلك جيدا من قبل أن يختار الطريق. أليس هو القائل: «من السماء ربما/ من زبد الأمواج من رياح الأرض إن ضنت به السماء/ لا بد أن يأتي ذلك الذي تعددت/ تكاثرت من حوله الأسماء/ أشواقنا إليه والحنين/ تضيء كالنهار/ طريقه الجبار/ أقدامنا ثابتة/ ولن نمل مهما طال» بلى إنه هو، ومن قال مثله لن يؤلمه الشوك.

سأله الشاعر الكبير عبد الله البردوني: ما الشعر؟ فأجاب: «الشعر رؤى لعالم جديد، ومحاولة للنفاذ، خلال الحلم مما هو كائن إلى ما ينبغي أن يكون، ليس في عالم الواقع فحسب، بل في عالم الحلم نفسه» هذه الرؤية للشعر ترينا المدى الذي كان يطمح إلى وصوله المقالح في الفضاء الإبداعي وهو، التجديد حتى في الحلم.

كاتب وأديب