آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

الاقتصاد بين انخفاض معدل التضخم وارتفاع سعر الفائدة «2»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

إذن، السلطات المالية الامريكية قررت التضحية بأشياء عديدة من أجل خفض معدل التضخم، فرفعت من أجل ذلك سعر الفائدة. بحكم ارتباط سعر صرف الريال بالدولار الأمريكي فيستتبع ذلك أن يجاري البنك المركزي السعودي في رفع سعر الفائدة على الريال السعودي. لكن اقتصادنا لا يعاني من ارتفاع التضخم! الإجابة المعلبة هي أن علينا مضاهاة السياسة النقدية للاحتياطي الفدرالي مادام سعر الصرف ثابت مقابل الدولار الأمريكي.

الأمريكان مضطرون لرفع الفائدة وسيضحون في سبيل خفض معدل التضخم بتحمل تبعات التكلفة المتصاعدة لرأس المال وتداعيات ذلك، فهل نحن مضطرون كذلك؟

علينا تذكر أن تعريف“الاضطرار”لغةً هو“حَمل الانسان على ما فيه الضرر كالإكراه”، فهل نحنُ مكرهون؟ وعلينا تذكر كذلك أن الولايات المتحدة قررت تحمل تبعات رفع سعر الفائدة بما في ذلك: «1» تبعه تثبيط نمو الاقتصاد، فقد تباطأ الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في العام 2022 إلى 2,1 بالمائة من 5,9 بالمائة في العام 2021. «2» وتبعة تباطؤ ربحية الأعمال في الولايات المتحدة حيث تقلصت الزيادة في الأرباح إلى 181,5 مليار في العام 2022، بعد أن كانت الزيادة في الأرباح 511 مليار دولار في العام 2021. «3» وتبعة تقلص مساهمة القطاع المالي والتمويل في الولايات المتحدة بمقدار 0,46 بالمائة، وهي أكبر انخفاض بين كل القطاعات وفقاً لإحصاءات الربع الرابع 2022، فقد تراجعت ربحية المنشآت المالية هناك 52 مليار دولار في العام 2022 مقارنة بنمو في أرباحها مقداره 69 مليار دولار في العام 2021، في حين أن المنشآت غير المالية تباطأ نمو أرباحها لكنها لم تنقص، وبذلك كانت مساهمة القطاع المالي الأمريكي في الزيادة «2,1 بالمائة» في الناتج المحلي الإجمالي هامشية في حدود 0,07 بالمائة.

بالمقابل، ودون تجاوز فوائد الربط بالدولار وما يوفره ذلك من استقرار في قيمة الريال السعودي بأن يقلص من خطر تقلبات العملة، وهذا يصب لا شك في مصلحة التبادل التجاري بين المملكة والعالم. فالحافز الأول لتثبيت سعر صرف عملةٍ مقابل عملة رئيسية هو الحفاظ على تنافسية صادراتها السلعية والخدمات بما في ذلك السياحة على سبيل المثال. لكنه ليس الحافز الوحيد، إذ لابد أن يوفر الربط استقراراً للسياسة النقدية، وهو ما لا يوفره الدولار حالياً، فأسعار الفائدة في ارتفاع مضطرد بما لا ينسجم مع تطلعات النمو الاقتصادي لرؤية المملكة 2030، ولاسيما التوجه القوي نحو تنويع الصادرات، واستهداف الصادرات غير النفطية في العام 2030 لترتفع من 16 بالمائة إلى 50 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي. كان الهيكل الاقتصادي مختلف تماماً عندما قررت المملكة تثبيت سعر صرف الريال مقابل الدولار قبل 37 سنة في يونيو العام 1986، عندئذ كانت الصادرات غير النفطية للسعودية لا تتجاوز 17 مليار ريال، في حين أن الطموح أن تتجاوز 2 تريليون ريال في العام 2030. «يتبع»

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى