آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

أب وأبناء ومال وحياة كريمة

المهندس أمير الصالح *

شاركنا أحد الزملاء بمقطع فيديو هادف لأحد نجوم التوستماستر المحليين وهو الأخ العزيز محمد العيسى. مقطع الفيديو يتضمن سؤالا موجها للجميع ويهدف فيه طارح السؤال ومن خلاله استقراء آراء أبناء المجتمع في كيفية رسم خريطة علاقة إنسانية عادلة ومنصفة بين الأب الميسور ماليا والابن المحتاج في نطاق مد يد العون أو عدمه ماليا.

وكان نصا تعليقيا هو: ”الموضوع جدا جميل وهادف وجاد، لا سيما أن الأغلب منا أضحى أبا أو جدا. وأدعو بالنيابة أن يدلو كل من أعضاء الديوانية الافتراضية بدلوه في هذا الموضوع علنا وإياكم نستخلص ونرسم خارطة طريق عادلة وواضحة في أنجح طريقة لمد يد العون المالي للأولاد «لمن يسر الله عليهم فائضا من المال». ولأهمية الموضوع تفاعلت معه. حتما لكل منا تجارب ومشاهدات واستدلالات تراكمية واستخلاصات منطقية من البيئة ومن خارج المحيط لبعض السلوكيات وبعض القناعات التربوية. ولعل ما غرد به عزيزنا الحبيب محمد في الفيديو هو من الأسئلة الجدلية في الأوساط التربوية والأسرية في كل مجتمع دون استثناء وعلى امتداد البسيطة. وهناك أسئلة حساسة مماثلة وعميقة ومهمة جدا في ميادين وحقول تربوية مماثلة. وما قد يكون وصفة ناجحة في تعاطي الأب“ زيد ”مع أبنائه ماليا. قد لا يكون وصفة ناجعة بين“ عبيد "وأبنائه في ذات الشأن. وما قد يتبناه أب في ابنه الأول من مساعدات مالية غير محدودة قد لا يستطيع ذات الأب أن يتبنى ذات المعاملة في أبنائه الآخرين لتبدل الأوضاع المالية عنده وتضخم الأسعار أو تفتت قوة العملة. إلا أن القدر المحسوم والملامس للعدالة بين الأبناء هو تبني الأب مساعدة أبنائه كافة في المواضيع الأساسية المهمة:

1. الدراسة و

2. الزواج و

3. البحث عن وظيفة و

4. مساعدة كل منهم «منهن» تأسيس المنزل أو تملك الوحدة السكنية بالقدر المستطاع و

5. مد يد العون في الأزمات الخانقة والطارئة والصحية.

طبعا مقدار المساعدات المالية خاضعة للقدرة المالية للأب والنفس الطويل في العدالة الأسرية لديه والبصيرة في نزع فتيل المقارنات في العطاء بين الأبناء. تبني المساعدات على أساس الموضوع «تمويل دراسة جامعية مثلا» يعدم مقارنة الأرقام المالية بين الأبناء عند استلام مبلغ إعانة من الأب.

من جهة أخرى حتما الأب الذي يتنصل عن مد يد العون والتوجيه لأبنائه قد يكسب بناء ثروته ولكن يهدم روح المودة في بيته. وهذا هو الخذلان المبين. فالقول السابق لبعض الآباء ”كما عانيت يجب أن يعاني الأبناء ليعرفوا الجلد والصبر وقيمة المال“ أمر مجانب للحق والواقع في بعض المواقع الجغرافية لتقلص الفرص التجارية وغياب حياة الدعة عندهم ونمو روح المسؤولية.

ولعل من اطلع على سبب تهدم بعض الأسر لوجد أن شح الأب على أبنائه هو السبب الرئيس لانحراف بعض أبنائه أو انزلاقهم في مسارات تيارات التطرف والمجون. نعم هناك نماذج من الأبناء مصداق ناصع لمقولة easy come، easy go. وأولئك الأنواع من الأبناء وبال وعبء على الآباء والأقارب والمجتمع. وقد حذر القرآن الكريم من ذلك الصنف لأنهم مسرفون وإخوان شياطين ومهدري موارد.

ولعل الاستيفاء بحق النموذج الأبوي بين عطاء الأب العادل لكل فرد من أفراد أسرته يتطلب تخطيطا سليما من البداية أي منذ مرحلة إنجاب عدد الأولاد وحجم الأسرة وألا يكون الأب عبثي التخطيط وعاطفي الهوى ومزاجي الزواج ومتقلب العطاء وشهواني الاستمتاع. ولعل من ذكاء الأب العاطفي أن يستشف حقيقة اهتمام كل ولد/ بنت من أبنائه بالأموال التي يصرفها الأب عليهم. فبعض الأبناء مع شديد الأسف ناكر للجميل وبعضهم راد للجميل ومبادر به بكل أريحية. وعلى الأب العاقل الفطن أن يبذل جهده للتعرف من بداية الطريق والتعامل ماليا مع أبنائه، ويختبر تربة كل ابن من أبنائه بعد فترة من ولوجهم سن البلوغ قبل أن يستنزف بعض الأبناء مدخرات الأب. وقد يهجرونه في وقت ذروة الاحتياج لمصاريف الرعاية الصحية والاعتناء من قبل الآخرين من دول شرق آسيا. ختاما هكذا مواضيع قد تستهوي البعض وأنا أحدهم وللإثراء روح الفائدة والاستفادة بين أبناء المجتمع".

قد يكون لك أخي القارئ الكريم وجهة نظر أخرى يمكنك إتحافنا بها أن شئت ذلك.