آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 5:41 م

الرؤية بين خلق الوظائف ووظائف الاحلال «3»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

كما سبقت الإشارة، يعتمد الاقتصاد المحلي حالياً على 9,9 مليون عامل، منهم 2,6 مليون مواطن ومواطنة، يمثلون 25,8 بالمائة من إجمالي المشتغلين، كما هو الوضع في الربع الرابع للعام 2022. وتجدر الإشارة أن عدد المشتغلين السعوديين كان 1,7 مليون في العام 2017، مما يعني أن معدل النمو المركب للسعوديين المشتغلين 7,3 بالمائة سنوياً. وكان عدد الوافدين 5,3 مليوناً في العام 2017؛ بمعدل نمو مركب سنوي يعادل 5,5 بالمائة. مما يبين أن معدل نمو المشتغلين السعوديين أعلى من معدل نمو الوافدين. وكذلك فكما سبقت الإشارة، فالنمو العددي مهم لكن ثمة عناصر أخرى يستوجب النظر لها، فمثلاً إجمالي من يعمل في مهن الاختصاصيون في المجالات العلمية والفنية 338 ألفاً في العام 2017، أرتفع العدد نهاية العام 2022 إلى 549 ألفاً، أي بمعدل نمو مركب سنوي قدره 8,42 بالمائة، وبالنسبة لمجموعة المهن الهندسية الأساسية المساعدة فقد كان العدد 1,8 مليوناً في العام 2017، وبلغ 1,7 مليوناً في العام 2022. أما من حيث الأجر، فقد بين مسح الأجور الذي أجرته الهيئة العامة للإحصاء في العام 2017، وهو الأحدث حالياً، أن أعلى أجر هو في قطاع الصناعة، ثم المال والتأمين والعقار، ثم الأنشطة المهنية والعلمية والتقنية.

وبعيداً عن البيانات التفصيلية وعودة إلى الصورة الاقتصادية الأوسع، فإن مؤشر مساهمة العمالة للناتج المحلي الإجمالي مؤشر رئيس، وينبغي علينا حسابه، ويمثل إجمالي تعويضات العاملين نسبة للناتج المحلي الإجمالي؛ ففي كندا بلغت تعويضات العالمين 60,8 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، و61,8 بالمائة لإيطاليا، و59,2 بالمائة للنمسا، وفي تركيا 39,2 بالمائة، وفي طاجيكستان بلغت 21,2 بالمائة. وتأتي أهمية تتبع هذا المؤشر للتعرف على التحولات في مستوى الأجور إجمالاً وعلى مستوى المهن والتوزيع الجغرافي، كما أن لتتبع الأجور صلة بالتعرف على نواحي اقتصادية مهمة مثل نمو الاستهلاك والتغييرات في دخل الأسر. وفي الاقتصاد السعودي، باعتبار أن نحو ثلاثة أرباع المشتغلين وافدون، فيكون بالإمكان التعرف بدقة على نصيب العمالة الوافدة من هذه التعويضات، وإمكانية وضع سياسات ومبادرات للحد من التحويلات للخارج عبر تصميم مبادرات لاستيعاب الفائض من تلك التعويضات. فضلاً عن تتبع قيمة تعويضات العاملين ومضاهاته بالناتج المحلي الإجمالي يتيح الفرصة كاملة لتتبع التغيير في الإنتاجية، وهي إحدى التحديات المهمة التي على الاقتصاد السعودي تجاوزها ليتجاوز من خلالها المنافسين، فمن خلال هذا المؤشر يمكن مقارنة النمو في الأجور بالنمو في إنتاجية العمالة. بالإضافة فإن إنتاجية العمالة يرتبط بها نمو الناتج المحلي الإجمالي، والعديد من العناصر ذات الصلة بما في ذلك تنافسية الصادرات السعودية.

كما أن للأجور دور محوري في الارتقاء بالقدرة على الاحتفاظ بأكبر قدر من الثلاثة مليون وظيفة - التي من المتوقع أن تولدها الرؤية - بموارد بشرية مواطنة مؤهلة لشغل تلك الوظائف.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى