آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 2:44 م

إحياء كتاب «صيغ العقود الشرعية» للشيخ ابن أبي القطيفي بعد 600 سنة من تأليفه

جهات الإخبارية

الكتاب: صيغ العقود الشرعية
تأليف: الشيخ يوسف بن أبي القطيفي «كان حيًّا سنة 860هـ»
تحقيق: حسين منصور الشيخ
نشر: مكتبة جلال العالي الخاصة - البحرين
الطبعة: الأولى 1444هـ - 2023م.
الصفحات: 120 صفحة من القطع الوزيري

صدر کتاب «صيغ العقود الشرعية» للشيخ يوسف بن أبي القطيفي «من أعلام القرنين الثامن والتاسع الهجريين»، وهو كتاب عقده المؤلّف في فصلين: الأول منهما لعقود العبادات والآخر لعقود المعاملات، ولكنه لم يلتزم - في الفصل الأول - ذِكْرَ عقود الفروض العبادية فقط، وإنما اشتمل على عقود معاملاتية ومعها بعض الإيقاعات. أما الفصل الثاني، فقد التزم ذكر عقود المعاملات وحسب. وقد قسمه إلى قسمين: الأول العقود البيع، والثاني لعقود المعاملات الأخرى، من قبيل: عقد المزارعة والإجارة والدين والمضاربة والنكاح.

ويبدو أن الكتاب لاقى رواجا؛ وذلك للحاجة الاجتماعية إليه؛ إذ إنَّ من شأن هذه الصيغ أن تعين كثيرًا في وضع العقود وإثبات الملكيات والوصايا وما شابهها. وذلك ما يفهم من مخطوطتي الكتاب البحرانية منهما - وهي من مخطوطات مكتبة الحاج جلال العالي -، والأخرى النجفية؛ إذ إن لكل منهما تكملة مختلفة عن النسخة الأخرى. ذلك أن الناسخ فيهما بعد أن ينتهي من نسخ الكتاب الأصل يضيف للكتاب مجموعة من الصيغ الإضافية، التي يظهر منها أنها من استحداث بعض طلبة العلوم الدينية من ذوي الارتباط بشؤون توثيق عقود الأنكحة وبيع العقارات وكتابة الوصايا وما شابه ذلك، ولا يبعد أن استحداثها كان للحاجة إلى مزيد من الصيغ التي لم يستوفها الكتاب الأصل.

وللكتاب أهمية كبيرة، إذ يعدّ مصدرًا مهمًّا لمعرفة كيفية إجراء العقود وطريقة كتابة الوثائق الشرعية والعملات المستخدمة في تلك الحقبة.

الشيخ يوسف بن أبي القطيفي

يعدّ الشيخ علي البلادي أول من ترجم للشيخ ابن أبي، فقال عنه: «من قرية «رشالا» من القديح، إحدى قرى القطيف». وهي قرية اندثرت، ولم يبقَ منها سوى المقبرة المسمَّاة باسمها. ولتحديد موقعها، يقول الأستاذ محمد سعيد المسلم: «وإلى الجنوب [من القديح] تقع قرية رشالا، وقد اندمجت فيها حين اتّسع العمران، فاندرس اسمها».

وعندما تذكر هذه القرية المندثرة يذكر معها الشيخ ابن أُبي لكونه أبرز أعلامها. وممّن أشار إلى ذلك الأديب والمؤرّخ السيد عدنان العوامي أثناء تعليقه على بيت لأبي البحر الخطي «ت 1028هـ» يذكر فيه «رشالا»، وهو:

أَوْ فَاقْتَلِعْ مِنْ رَشَالَا الطِّينَ مُتَّخِذًا

مِنْهُ الْجِرَارَ، وَعِشْ فِي الخَطِّ جَرَّارا

إذ يعرّف «رشالا» بقوله: «منها: الشيخ يوسف بن أُبَي، من علماء القطيف في القرن الثامن الهجري». ولكنّه يختلف مع الشيخ البلادي - وبعده محمد سعيد المسلم - في كونها قرية، فيقول: «الظاهر أنها محلَّة في القديح، أو بجوارها، وموقعها في الجنوب الغربي منها، حيث تقع مقبرة رشالا الموجودة حاليًّا جنوب مسجد العبد الصالح. وكان بالقرب منها إلى الجنوب، حتَّى وقت قريب، تلالٌ صغيرة من الصلصال الأخضر المستعمل في صناعة الأواني الفخارية والخزف، وقد أزالتها البلدية، وردمت بها المواضع المنخفضة في القديح، ولعلّ هذه التلال هي التي يعنيها الشاعر [أبو البحر الخطي]. أما في الوقت الحاضر، فقد امتدّ إليها العمران، فاندمجت في القديح».

ويظهر أنه نشأ في هذه القرية، وارتحل مدّة من الزمن إلى النجف طلبًا للعلم، تلمذ فيها على مجموعة من أعلام عصره واستجاز بعضهم، وفي الوقت نفسه تلمذ عليه مجموعة من العلماء واستجازوه ليكون طريقهم في الرواية والإسناد. فالنجف، في ذلك الوقت تعد قبلة العلم ومحطّ رحال العلماء.

ليرجع بعد ذلك قافلًا إلى موطنه «رشالا» يمارس فيها دوره الديني والاجتماعي، وذلك لوجود مسجده الباقي إلى يومنا الحاضر، الذي كان يسمَّى باسمه مدّة طويلة، إلى أن تغيَّر إلى ما يعرف حاليًّا به، وهو: «مسجد العبد الصالح». إذ إنّ وجود مسجد يسمَّى باسمه دليل على استقراره مدّة معقولة من الزمن عالمًا للبلدة ومتصدّيًّا للشأن الديني فيها.

أساتذته ومجيزوه

«1» الشيخ أحمد بن عبد الله بن المتوّج البحراني «ت 820هـ».

«2» الشيخ حسين بن راشد القطيفي.

«3» السيد عبد الله بن محمد بن علي الأعرجي «ت حدود 750هـ».

تلامذته والمجازون منه

«1» الشيخ مفلح بن حسن بن راشد الصيمري البحراني.

«2» الشيخ محمد بن علي ابن أبي جمهور الأحسائي.

«3» الشيخ أمرس الدين حرز بن الحسين القطيفي.

«4» القاضي السيد محمد بن السيد أحمد الموسوي الحسيني.

«5» السيد شمس الدين محمد بن خميس بن راشد.

«6» السيد محمد بن موسى بن محمد الموسوي.

«7» السيد عميد الدين عبد المطلب الأعرجي «ت 754هـ».

مكانته العلميّة

يصفه ابن أبي جمهور في إجازته الرابعة للشيخ محمد صالح الغروي بقوله: «الشيخ الأعظم العلامة والبحر الخِضَمّ صاحب الفنون والمعارف والعلوم الفائضة عنه على كل طالب وهاتف، شمس المشارق والمغارب، ظهير الملة والحق والدين، يوسف بن أبي القطيفي».

كما يعدّه الميرزا الأفندي أجلّ تلامذة الشيخ ابن المتوّج البحراني، وبأنه أستاذ علماء عصره، من قبيل: ابن أبي جمهور الأحسائي، والشيخ أمرس الدين حرز بن حسين البحراني، والشيخ مفلح الصيمري. وفي موضع آخر يعدّه «من أكابر العلماء المتأخّرين عن الشهيد الأول، وأنّ له تلامذة فضلاء». وفي موضع ثالث يقول عنه: «كان من أجلّة العلماء».

وفاته ومدفنه ومسجده

لم يقف مترجموه على تاريخ محدّد لوفاته «ره»، وقد استقرب الشيخ البلادي في الأنوار أنه من أعلام القرن التاسع الهجري، وهو تقريب صحيح، وبخاصّة عندما نقف على الإجازات الواردة عنه أدناه، إذ أرّخها «ره» في شهر المحرّم من سنة 860هـ، وهو ما يشهد بوجوده يقينًا في هذا التاريخ، ولكن لا يعلم سنة وفاته بالتحديد.

تراثه

«1» إجازات الرواية: منها إجازة مشتركة لثلاثة من الرواة عنه، هم: محمّد بن موسى بن محمد، ومحمّد بن أحمد بن محمد، وشمس الدين محمّد بن خميس. وإجازة للسيد محمد بن أحمد الحسيني؛ وإجازة للسيد محمد بن خميس بن راشد.

«2» المؤلّفات، وهي:

«1» كتاب في وفاة رسول الله ﷺ، سمّاه: التهاب نيران الأحزان ومثير الاكتئاب والأشجان في وفاة سيد ولد عدنان. وصفه الشيخ البلادي بأنه «عجيب الترتيب، وهو أحسن ما صُنِّف في هذا الباب».

«2» تعليقات وحواشٍ على كتاب اختصار التذكرة «تذكرة الفقهاء» للعلّامة الحلي «ت 726 هـ»، تأليف الشيخ ابن المتوّج البحراني «ت 820هـ».

«3» كتاب صيغ العقود الشرعية، وهو هذا الكتاب.

«4» عُرفَ عن الشيخ يوسف اهتمامه بموضوع الاستخارات، يروي ذلك الميرزا الأفندي، إذ يقول في ترجمته: «كان من أجلّة العلماء، ويروي بعض طرق الاستخارة بالسبحة، كما نقله الأستاذ الاستناد في رسالة مفاتيح الغيب في الاستخارات بالفارسية».