آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 1:31 ص

مصادر حقوق الإنسان

أمير بوخمسين

تمر علينا الذكرى الأربع وسبعين من صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي أعلن في العاشر من ديسمبر 1948، ولا تزال الأسئلة الواردة من قبل الدول والشعوب كثيرة.. فالبعض يتساءل عن أصل حقوق الإنسان ومن أين مصادرها وغيرها من الأسئلة..

هذه الاستفسارات لم تأتي من فراغ وانما نابعة من تطور الاهتمام العالمي والوطني بالفرد وحقوقه وحريته الأساسية، والتي بلغت مراحل متقدمة في الاهتمام والحرص على الالتزام بالمواثيق والاتفاقيات الدولية التي تخص حقوق الإنسان.

وهنا أوّد أن أشير إلى المصادر التي سأذكرها لاحقا بانها محل اجتهاد من قبل عدة كتاب وباحثين. وأن هذه المصادر أصبحت المادة الرئيسية لحقوق الإنسان، ومرجعا أعتمدها الكثير من الباحثين والكُتاب في الكتابة في هذا المجال، إلا أن النقاش في الموضوع لازال قائما ومحل تسائل حول تحديد المصادر.

ولعل اختلاف وجهات النظر وتعدد الآراء حول الموضوع أدى إلى اجتهادات كثيرة ومتعددة، والمرجعية الفكرية كان لها دور كبير في تحديد هذه المصادر، فهناك المتدّين والليبرالي والفيلسوف.. وغيرهم، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يعتبر الدستور الحقوقي للبشرية جمعاء خير شاهد على ذلك فقد تم استنباطه من هذه المصادر، ومن خلال مشاركة العلماء والفلاسفة والمفكرين ذوي التوجهات المختلفة دينيا وفكريا وفلسفيا وعرقيا في صياغته وتدوينه.

لذلك جاءت مصادر منابعها متنوعة، فالفكر الفلسفي وقيم حركات التغيير الاجتماعي، وهو المصدر المتمثل في الفكر الإنساني وإسهامات الفلاسفة والمفكرين السياسيين وخاصة في العصر الحديث الذين صنفوا هذه الحقوق إلى مدارس ثلاث على الأقل، مدرسة القانون الوضعي حيث شدد أنصارها على حتمية وضع الحقوق الأساسية للإنسان في قوالب قانونية مناسبة ومقبولة بما يضمن احترامها ويوفر الضمانات التي تكفل التمتع بها، ومدرسة القانون الطبيعي التي انطلقت من فكرة أساسية، مؤداها أن أي إنسان يعيش في جماعة منظمة إنما يلزمه التمتع بمجموعة الحقوق التي يستحيل عليه الحياة بدونها. وتوصف هذه الحقوق بأنها حقوق مصدرها القانون الطبيعي ومدرسة القانون النفعي يقوم أنصارها من خلال الحفاظ على أكبر قدر من المنافع لأكبر عدد من الأفراد لحماية جماعتها.

ولا ننسى دور قيم حركات التغيير الاجتماعي التي حدثت في التاريخ وانطلقت لرسم وتأسيس وثيقة مهمة عن حقوق الإنسان كالثورة الفرنسية عام 1789، والتي عرفت ب ”الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن“ وقد اعتمدت هذه الوثيقة على مصدرين رئيسين هما آراء المفكر الفرنسي ”جاك روسو“ وهو أحد أبرز مفكري نظرية العقد الاجتماعي، وإعلان ”حقوق الاستقلال الأميركي“ الصادر في يوليو 1776 إضافة إلى ما عرف بالوثيقة العظمى ذات الصلة بالتراث القانوني الإنجليزي الصادر في عام 1215.

أما المصدر الثاني هو الأديان والتشريعات السماوية، فالتعاليم الدينية تعتبر مصدرا بوصفها هي التي وضعت الأساس الفكري للحريات الأساسية لحقوق الإنسان، وكل الأديان تقدّر وتحترم الإنسان وتعظّمه، حتى في المعتقدات الدينية الوضعية كالكونفوشية والزرادشتية والهندوسية والبوذية وغيرها، وحرصت الشرائع السماوية الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام على التأكيد على احترام حقوق كل إنسان، بدون تمييز وفي كل زمان ومكان، باعتبار الإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي اصطفاه الخالق جلا وعلا لعمارة الأرض واصلاحها.

أما المصدر الثالث لحقوق الإنسان التشريعات والقوانين والدساتير الوطنية التي تعتبر كمصدر داخلي لها بوصف هذه الدساتير والتشريعات الوطنية تعتبر بمثابة المصدر الأول لحقوق الأفراد وحرياتهم داخل المجتمع الوطني.