الحروب آفة بشرية 2
”إننا سنكسب معركتنا لا بمقدار ما نقتل من خصومنا، بل بمقدار ما نقتل في نفوسنا الرغبة في القتل.“ — المهاتما غاندي
الحروب والصراعات التي نشبت على مرّ التاريخ إنما كشفت عن فظاعة مشاهدها، وأبانت بوضوحٍ جليٍّ أن الحروب لا خير فيها، وأنها تملأ العالم دمارًا وخرابًا. فكل الذين عاصروا تلك الحروب لم ينجُ منهم أحد، بل تركت آثارًا وندوبًا لا يمحوها الزمن، وإن طال. يقول أدولف هتلر، أحد أكثر الشخصيات تأثيرًا في التاريخ الحديث: ”الحرب كفتح باب غرفة مظلمة، لن تعرف أبدًا ما الذي سيحدث عند فتح هذا الباب“. تُدرَّس سياسات هتلر وأفعاله كأمثلة على خطورة الدكتاتورية والعنصرية التي تمثلت في النازية، فقد خدم في الجيش الألماني خلال الحرب العالمية الأولى، وقاد ألمانيا في الحربين العالميتين الأولى والثانية.
تظل هذه الحروب والصراعات من أبشع وأفظع الجرائم التي تعرضت لها البشرية. يقول الفيلسوف هنري فوسديك: ”إن أسوأ ما في الحروب أننا نستخدم أفضل ما لدينا من أجل ارتكاب أكثر الأفعال بشاعةً“. وهل هناك أبشع من أن تعيش محرومًا من الحياة وأنت على قيدها؟ في الحروب يُقتَل الشيوخ والأطفال والرجال، وتُغتصب النساء، ويُقهَر الرجال. تُهدَم البيوت وتُدمَّر المرافق التي تخدم الإنسان. الحروب تترك آثارًا نفسية لا تزول، وجميع أنواعها وعلى مرّ التاريخ لم تخلّف سوى الدمار والخراب وأفظع الويلات. لقد خلّفت آثارًا اقتصادية واجتماعية ونفسية وخيمة.
كانت الحرب العالمية الثانية أكثر الصراعات العسكرية دموية في التاريخ، حيث قُدِّر إجمالي عدد ضحاياها بأكثر من 60 مليون قتيل، أي ما يمثل في ذلك الوقت أكثر من 2,5% من إجمالي عدد سكان العالم. وفي الحرب العالمية الأولى، تشير التقارير إلى أن العدد الكلي للضحايا من العسكريين والمدنيين تجاوز 37 مليون نسمة، منهم 16 مليون حالة وفاة و 20 مليون إصابة؛ مما يجعلها من أكثر الصراعات دموية بعد الحرب العالمية الثانية. شملت الوفيات نحو 10 ملايين عسكري، و 7 ملايين مدني. فقدت قوى الحلفاء 6 ملايين جندي، بينما خسرت قوى المحور 4 ملايين، ومات ما لا يقل عن مليونين بسبب الأمراض، وسُجِّل 6 ملايين في عداد المفقودين. نحو ثلثي قتلى الجنود سقطوا في المعارك. هكذا هي الحرب، لا تُبقي حجرًا على حجر.
يقول الإعلامي والصحفي سامي كليب: ”الحرب هي مجازر بين أشخاص لا يعرفون بعضهم، لصالح أشخاص يعرفون بعضهم لكنهم لا يتقاتلون. الحرب كالحب، من السهل أن تبدأها، ومن الصعب أن تنهيها، ومن المستحيل أن تنساها. حين تُقاتل لكرامتك تحيا حرًّا، وحين تقاتل للآخرين تموت عبدًا.“
إن العالم العربي اليوم في أشد الحاجة إلى تثبيت حالة الاستقرار، والابتعاد عن الحروب، ونشر ثقافة المحبة والتسامح، من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والسعي إلى بلوغ أهداف الألفية والنهوض المستقبلي، حيث العالم يغدو أكثر تقاربًا وتداخلًا وترابطًا. إن نظامًا عربيًا جديدًا، يمثل ركن ”التنمية“ أبرز مقوماته هو القادر على تحقيق الأهداف التنموية واحتلال موقعٍ مهمٍّ بين دول العالم.