آخر تحديث: 16 / 5 / 2025م - 8:22 م

لا زلت في وجداننا يا نعم الرجال وستظل

جمال حسن المطوع

بالأمس القريب، كنا نتبادل أطراف الحديث مع بعض الإخوة الأفاضل في إحدى الديوانيات، وبينما كنت أتصفح رسائل على إحدى منصات التواصل الاجتماعي، وردتني صور أرسلها لي بعض الإخوة، توثق لقاءً أخويًا في زيارة ودية للحاج سعود عبدالله مناسف «أبو عبدالله»، للاطمئنان على صحته إثر وعكة ألمّت به وألزمته المنزل. لقد خلف غيابه فراغًا لا يُعوَّض في نفوس محبيه ومريديه، كيف لا، وهو من خيرة الرجال المتحمسين والنشطين، المتطوعين والمثابرين في ميدان العمل الخدمي المتنوّع.

كان الحاج سعود، بحق، أشبه بخلية نحل لا تهدأ، حاضرًا في كل مناسبة اجتماعية، مشاركًا في مختلف الفعاليات، خادمًا متشرفًا في مجالس الإمام الحسين ، ومساهمًا في الأفراح والأتراح، يسارع إلى أداء ما تيسر له من مهام خدمية بإخلاص وتواضع. تنقّل بين الأماكن سيرًا على قدميه دون كلل أو ملل، مدفوعًا برغبة صادقة تسكن وجدانه، ومقصده وجه الله سبحانه وتعالى، سعيًا في الأجر والثواب، دون انتظار مقابل مادي أو حتى كلمة شكر.

كل ذلك لم يكن إلا انعكاسًا لمعدنه الأصيل، وجوهره النقي، وقلبه العامر بالحب، ونفسه الممتلئة رحمةً وحنانًا لمن حوله.

أفلا يجدر بنا، كمجتمع، أن نكرّم هذا الرجل المعطاء؟ أن نمنحه أوسمة الشرف، مادية كانت أو معنوية؟ لا لشيء سوى لأنه رمز للبساطة والتواضع، زاهد في حطام الدنيا، راضٍ قانع، متواضع في نفسه وخصاله.

إن ما قدمه الحاج سعود من زيارات ومشاركات وخدمات جليلة لأهله وأبناء مدينته، دليلٌ ساطع على طِيب جوهره وأصالة معدنه. ومثل هذه النماذج الإنسانية النادرة جديرة بأن تُكرّم ويُحتفى بها، وهذا أقل ما يُقال في حقه، فهو عنوان مضيء ورمز يُحتذى به، بجهوده النبيلة ومبادراته الكريمة. وهو العفيف الشريف الذي لم يمدّ يده لأحد، كائنًا من كان.

نسأل الله تعالى أن يمدّ في عمره أعوامًا مديدة، وأن يلبسه ثوب الصحة والعافية، بحوله وقوته.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
ناصر الحربي
[ البكيرية ]: 4 / 5 / 2025م - 2:35 م
حين يكتب الإنسان عن شخصية مثل الحاج سعود عبدالله مناسف “أبو عبدالله”، فإنه لا يكتب عن فرد عادي، بل عن حالة إنسانية متفردة، تجسدت فيها قيم العطاء والتواضع والإخلاص بشكل قلّ نظيره في زمن بدأت تتوارى فيه مثل هذه النماذج خلف ضجيج المصالح وتقلّب النوايا.

إن ما ورد في المقال من إشادة ومشاعر وفاء، لا يُعدّ مجاملة أو ترفًا في الكتابة، بل هو واجب أخلاقي وضرورة مجتمعية، لإبراز هذه القامات التي تشكّل العمود الفقري للعمل الأهلي والخدمي في مجتمعاتنا. فالحاج سعود، كما وصفه المقال بدقة، لم يكن يومًا باحثًا عن الأضواء أو المناصب، بل كان وما زال خادمًا في صمت، يطوف على بيوت الناس، يواسي هذا، ويشارك ذاك، ويمدّ يد العون لمن يحتاج، دون أن يتوقع جزاءً أو شكرًا.

نحن أمام رجلٍ، لو قِسنا أثره الحقيقي في مجتمعه، لوجدنا أنه أغنى من كثيرٍ من أصحاب الألقاب والمواقع. أثره في القلوب، وفي وجدان الناس، وفي سيرته التي تتناقلها الألسن بمحبة واعتزاز. ومثل هذا الرجل، لا ينبغي أن يُكرّم فقط بصورة عابرة أو كلمات عاطفية، بل يجب أن يُدوّن اسمه في سجلات التكريم الرسمي والمجتمعي، ليكون قدوة للأجيال، وليعلم أبناؤنا أن العظمة لا تكون بالشهرة، بل بالإخلاص والبذل.

إن تكريم الحاج سعود هو تكريم لقيمة أصيلة بدأت تنحسر في مجتمعاتنا: قيمة التطوع النقي، والخدمة المخلصة، والحياء الإنساني الذي يجعلك تخدم دون أن تُشعر من حولك أنك فعلت.

نسأل الله له تمام الصحة وطول العمر، وأن يظل حاضرًا بين أهله ومحبيه كما عهدناه: بسيطًا في مظهره، عظيمًا في أثره