آخر تحديث: 4 / 5 / 2024م - 1:56 ص

لسان الأبجدية

عادل القرين *

بداية دعونا نعرف ما هي القراءة، ومن ثم نحاول أن ندخل كل فكرة على لسان أصحابها..

فهي لغة: حصيلة ذاتية وذهنية بالتمعن؛ لكل ما يطرح لفك الرموز بأي نصٍ مطروحٍ.

واصطلاحاً: فهم المكتوب وتفرعاته؛ وذلك من خلال علاقة المفردات مع بعضها، ورسم المعنى إلى أقصى مداه.

من هنا، كنا ليلة البارحة في سمرة ليلية، وجلسة فجرية، مع بعض الأدباء والشعراء والخطباء بالمنطقة؛ فدار فيما بيننا الكلام على طاولة الحوار الساخن، والتعقيب الراهن من كل حدبٍ وصوبٍ.

فهذا الشاعر يقول: لكل بداية هفوات؛ إما بثقة تامة للمحيط، أو جهلٍ مقنعٍ يسكنني؛ حيث كنت أحسن الظن فيمن حولي، والبعض يُريد الإطاحة بي باسم النصيحة المغربلة بالوصاية!

فرد ذاك القاص: حقيقة قبل أن نكتب لابد لنا أن نفهم النفسيات من حولنا، وهذا ما يتجلى في كتابة السرد؛ وذلك باستشعار الأنماط الشخصية كالحسية، والبصرية، والسمعية، ونحوها.

ليتم كلامه ذاك الكاتب للمشهد بقوله: ذكرتموني في بداياتي، حيث كنت أعرض بعض ما أكتبه على من سبقوني من غير اسم، ليكون الثناء المُجلجل سيد الموقف بسياق كلامه: ”يا الله“، ”مدهش“، ”وأصوات فمٍ لا يمكن كتابتها“، ”هذا نص“ مجنون ”، وما إن يستفهم من كاتب هذا الشعر أو النثر؛ إلا واستل مكنون لسانه بقوله:“ يبيله أشوي ولا تستعجل عليه بالنشر"!

ليتقهقه ذاك الواعي بقوله: جُل من حولنا مرضى، وربما قد تناسوا أن يأخذوا عقاقير علاجهم من الصيدلية؛ وإذا ما أردتم ذلك، فتصفحوا كيف كانت بداياتهم، وكتاباتهم، وترهلاتهم، ونتاجهم، وما حالهم وهم ينظرون إليها الآن؛ هل يفخرون بها مثل البداية؛ أم يُغطون ملامحهم بأياديهم؛ خلف رداء الضمير المستتر، والمبني على التناسي والنُكران؟

فرد ذاك الروائي المُترف: علينا ألا نلتفت للوراء، وإلا ما قولنا فيمن كان لي الصديق الصدوق قبل إصداراتي، وساعة ما شاركت بجُل المنتديات، أخذ يشن الحروب من حولي على طيات ألسن من حوله، وكل همه أن أأخذ رأيه فيما أطرح؛ وما أن كثر نتاجي، وصال أُجاجي في عينه، زادت دعوتي منه لحضور مآسيه عفواً أماسيه؛ حتى صار يقول لمن حوله: ”خل يتذكر كيف كان ومن وصله“؛ لتكون نقطة وعقدة الدهشة، بأن كل إصداراتي يعقب عليها: ”نبارك لأديبنا الكبير، عضو مقهانا النمير“!

لتكون خاتمة الجلسة على صوت دوران تلك الملعقة الرفيعة، في ”استكانة“ الشاي ”المخدر“، عند أحد أصحابنا: أغلب من حولنا يتجاهلك، ويعيش ”المقلب“ بنفسه؛ بأنه سُلم نجاحك، وترنيم انزياحك، ويأخذ يبحث عن علامات الترقيم بنصك، ويصرح بأنه كان يتنبأ ويتكهن من نظراتك، وحضورك، وسكونك، والبعض من شدة المغص والإسهال في فكره يذهب بمكنونك لمن يُجارون مرضه، لتخفيف وميضك وتغريدك!

ليطول المقام بنا على صوت سُعيفات النخيل الهجرية، وغناء الهواء العليل لثالث ”غوريٍ للچاي“ بهذا القول: بأن بعض من حولنا ”هداهم الله“ لأنفسهم، كالمرأة الناشز؛ والتي علقها أو تركها زوجها، ونالت ممن حولها ”بالدوارة، والدندرة، والبجدة، والعفسة“، ”لترامس/ ادلال“ القهوة، والتي تحملها من مجلسٍ إلى مجلس ”للهذرة“، والكلام الفارغ!