خطباء واعدون ”الشبل الحسيني ملا محمد صالح الجبيلي“
أهمية الكتابة عن السير والتراجم لا تقل أهمية عن العلوم الأخرى، فتلك السير تكشف لنا عن حقائق للمترجم له حينما نتتبع تاريخ أحداث مر بها، فكتب المذكرات أو التراجم أو السير الذاتية تبين أثر تلك الأعلام عبر الحقبة الزمنية التي عاشها من تسرد قصته.
لابد أن نتعاون على القضاء على القوقعة والخروج منها، فحاجتنا اليوم بإظهار الشخصيات والتعريف عنها لهو أمر ينبغي الالتفات له والإلحاح عليه والمثابرة لتقصي كل شاردة وواردة على سياق أعلام المملكة عامة وأعلام القطيف خاصة، حقيقة يزعجني جدا حينما أبحث وأنا في العام 2023 م عن شخصية ما حتى لو عن طريق المواقع الإلكترونية لا تجد ما تبحث عنه أي معلومة تشفي غليلك، فكثير من الشخصيات اندثرت أخبارهم وآثارهم بعد موتهم، ولم يصل لنا ولو بالقدر القليل نبذة عنهم.
من هذا المنطلق عزم العظماء والمفكرين ذوو الحنكة أمثال العلامة الشيخ فرج العمران قدس الله سره وغيره من المؤرخين والكتاب لولا هم لما وصلنا شيئاً من تاريخ بلادنا ولا أعلامها، فحري بنا ونحن في هذا الجيل أن نجعل البحث مستمراً في التتبع لتاريخ المعاصرين قدما وحديثا والأيام تمضي والحاجة لتحقيق السير هي من الضروريات لنساهم في رصد حضارات مختلفة باختلاف ما أنجزه المترجم له.
فأنا بدوري أشكر كل شخص سعى ومازال يسعى لمساعدتي في المجهود المتواضع المتمثل في تسليط الضوء على المواهب الكبيرة وإبراز الطاقات الشبابية المستقبلية في مجال الخطابة الحسينية الشريفة، وأخص بالذكر الأشبال الواعدين الذين تفهموا الموقف وأهميته، ولنا في هذه السطور شخصية وصوت جميل واعد إنه الملا محمد صالح محمد الجبيلي، ولد في القديح الحبيبة وتحديدا في الفريق الجنوبي عام 25/01/1428 هـ، ترعرع في كنف أبوين كريمين وترتيبه الأول في العائلة وله أختان.
درس في ابتدائية سلمان الفارسي بالقديح ومتوسطة سعيد ابن المسيب بالقديح وحاليا يكمل الدراسة في المدرسة الثانوية بالقديح الصف الثاني مسار عام، مجتهد وفكره الالتحاق بالدراسة الحوزوية وشؤون القرآن مطمحه المستقبلي كتب الله له الخير والصلاح والتوفيق، ما زال يتعلم الخطابة عند الشيخ حسن العوامي بالإضافة لذلك يتابع مجموعة من الخطباء سواء بالحضور في المجالس أو المتابعة عبر اليوتيوب، على سبيل المثال لا الحصر من القطيف الشيخ أحمد العوى والشيخ حسين الخميس والملا عبدالجليل الزاهر ومن مملكة البحرين الشيخ جاسم الحداد والملا الياس المرزوق.
جاءت الانطلاقة الأولى من تشجيع والده حفظه الله فقد أخذ بيده، وجعله ينخرط في تلك البيئة والخدمة المنبرية الحسينية، ومنذ العاشرة من عمره التحق بدورة أخذ منها أصول الإلقاء وإخراج الأطوار كرادود على يد الرادود محمد العنكي حفظه الله، وسعى نحو الخطابة الحسينية المقدسة، وطور من نفسه فترة من الزمن خطيب ناشئ بارع يمتاز بحبكة السبك وسلاسة الطرح وصوت عذب واعد يقرأ بالعامية والفصيح.
كما سبق ذكره، فإن والديه أعطوه اهتماما وتشجيعا وألحقاه بالتعليم والتدريب والدرس منذ نعومة أظافره وكان الدور الفعلي الخطابي في عام 1443 هـ ولم يتجاوز الرابعة عشر، حيث قرأ في مجلس جده الحاج محمد ”أبو صالح“ في دخل المحدود، وكانت المناسبة ذكرى مولد الإمام الحسين ، وكان لواقع التكرار والتردد المستمر لمجلس الشيخ حسن العوامي وهو أستاذه في الخطابة دور كبير في حياته، فمن هناك كانت البذرة التي غرست لتحيا بأرض أبا الأحرار سلام الله عليه.
مارس الخطابة في مجلس عمه أبو مصطفى في بلدة سنابس، وقرأ في مجلس جده الحاج حسن بالقديح، وقرأ في مجلس خاله الحاج عبد الواحد الحميدي بالقديح، وفي هذا العام 1445 هـ قرأ العشرة الأولى في مجلس الشيخ لؤي الناصر في الناصرة، وأيضا قرأ العشرة الأولى في جامع الكوثر بالمحروسة صفوى وكان ها ضمن فعاليات الشبل الحسيني، وتلتها العشرة الثانية قرأها في مسجد السبطين.
يومياته حافلة بذكر الله عز وجل ملازم لمسجد السبطين رافعا للأذان وقارئا للتعقيبات، ومذاكرا دروسه النظامية ومحضرا محاضراته الخطابية للمجالس الحسينية، أو يذهب للاستماع لبعض المأتم، وصلته بالعلماء ليست علاقة مباشرة دائما فأغلب الأحيان تأتي من خلال اصطحاب والده معه لحضور مجالسهم.