آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

ماذا يحدث لدماغك أثناء الحمل؟

عدنان أحمد الحاجي *

10 نوفمبر 2015

بقلم جوردان قاينس لويس طالبة ما بعد الدكتورا في كلية في جامعة بنسلڤانيا «حاليًا»

المترجم: عدنان احمد الحاجي

المقالة رقم 155 لسنة 2023

What happens to your brain when you"re pregnant? morning sickness، smell?and forgetfulness

November 10,2015

Jordan Gaines Lewis Neuroscience، Penn State

سألتني صديقتي مؤخرا: ”لماذا بدأت تنسين بعد أن أصبحت حاملا؟“ قلت لها لم أكن أعرف أني كذلك، ولكن سانظر في الامر. ثم تابعت بالقول: ”كنت سأطلب منك أن توضح شيئا آخر لي، ولكن نسيته تماما.“

ادعاء شائع أن الحمل يجعل الحامل تنسى. ولكن هل يوجد بالفعل دماغ يدعى ب ”دماغ الحمل“؟ ليس هناك شك في أن العديد من التغيرات تقع في جسم المرأة أثناء الحمل، ولكن كيف تؤثر هذه التغييرات في - أو تنشأ في - الدماغ؟ للإجابة على سؤال صديقتي، وذلك في محاولة الإجابة على أي شيء آخر نسته أنداك، وهنا هو الجزء الاول من دليلي الإرشادي للحامل لأسس علم أعصاب الحمل.

الوحم

أكثر من نصف - وربما ما يصل إلى 90٪ - من النساء الحوامل يعانين من الغثيان أو القيء إلى حد ما، وخاصة في الصباح. وحوالي 10٪ من النساء الحوامل يعانين من غثيان شديد ويمتد لفترات طويلة يسمى التقيء الحملي، الذي يمكن أن يؤدي إلى الجفاف وفقدان الوزن، وربما يحتاج إلى عناية طبية. وبالنسبة لمعظم النساء، الوحم ينتهي بعد 18 أسبوعا.

نظرًا لتسليط الضوء على الوحم بعد اضطرار دوقة كامبريدج أميرة ويلز كاثرين الدخول إلى المستشفى بعد حملها بطفلها الثاني [1] ، فإن حوالي 1٪ من النساء الحوامل يعانين من الوحم الأكثر حدة وطويل الأمد الذي يُسمى القيء المفرط الحملي [2] ، والذي يمكن أن يؤدي إلى الجفاف وفقدان الوزن، وقد يتطلب الأمر رعاية طبية. بالنسبة لمعظم النساء، يختفي الوحم بعد 18 أسبوعًا من انعقاد الحمل.

سبب الوحم ليس واضحاً بالكامل. النظرية الأكثر شيوعاً هي أن الوحم هو ردة فعل للجسم على ارتفاع مستوى هرمون 'موجهة الغدد التناسلية المشيمائية' في البشر human chorionic gonadotropin «واختصاره = HCG»، وهو هرمون تفرزه المشيمة بعد الانغراس [3] . وقد أظهرت الدراسات علاقة تزامنية بين هرمون ال hCG وبين الوحم وهذا يعني أن مستويات هرمون ال hCG في مجرى الدم «في الدورة الدموية» وعدد مرات القيء يبدو أنهما يصلان إلى ذروتهما في نفس الوقت. مع أن هذا التلارم مثير للاهتمام، إلَّا أنه لا يفسر سبب حدوث الوحم.

نعرف يقينًا أن الشهور الثلاثة الأولى «الثلث الأول من فترة الحمل» هي فترة مهمة لتطور ونمو الجنين. يتشكل الجهاز العصبي المركزي خلال هذه الفترة، وهذه العملية الحساسة تتعطل بسهولة وذلك بسبب السموم الدائرة في مجرى الدم في الأم. وهناك نظرية حديثة تقول أن القيء أثناء ايام الحمل الأولى يقوم بوظيفة تخليص الجسم من المواد الغذائية التي قد تزعزع مرحلة تطور الجنين المهمة هذه

منطقة في الدماغ الخلفي hindbrain تسمى الباحة المنخفضة [5]  posterma تتحكم بالتقيؤ [6] . الأهم من ذلك أن هذه الباحة المنخفضة تفتقر إلى الحاجز الدموي الدماغي [7] ، مما يعني أنها قادرة على الكشف عن «استشعار» السموم في مجرى الدم والسائل الدماغي الشوكى / النخاعي [8] . وقد أظهرت الأبحاث أن الباحة المنخفضة فيها مستقبلات لهرمون ال hCG «هرمون ”موجهة الغدد التناسلية المشيمائية“ [3] »، وهو ما قد يفسر لماذا تكون هذه الباحة حساسة وخاصة اثناء فترة الحمل.

”نظرية التخلص من السموم toxin theory“ تدعمها قرائن كثيرة، بما فيها حقيقة أن الوحم يسود بشكل أكثر في المجتمعات السكانية التي توجد فيها ”أطعمة خطرة [المترجم: وهي الأطعمة التي تؤكل طازجة «بدون طبخ» وتتكاثر عليها البكتيريا [9] ]“، وحقيقة أن الوحم لا يحدث إلا عند البشر «لأن لديهم طيف واسع جدًا من أنواع الأطعمة»، وحقيقة أن أشد حالات الوحم تتلازم سلبيًا مع عدد مرات سقط الحمل [كلما قلت وتيرة السقط زادت حدة الوحم]. الكثير من النساء بطبيعة الحال يفقدن الاهتمام ب "" أكل اللحوم اوالأسماك، اوبعض النباتات خلال هذه الفترة.

بالطبع، هذه التي تسمى سمومًا هي في الحقيقة ليست سامة على الإطلاق للنساء الراشدات «20 سنة وأكبر] السليمات، المشيمة تقوم بعمل رائع في تصفية الفضلات ومكافحة العدوى. بل، الوحم هو مقترن بالأطعمة المعرضة لتكاثر الكائنات البكثيرية الدقيقة «مثل اللحوم» في الأماكن التي لا توجد فيها ثلاجات تبريد، أو الخضروات الفاسدة التي أصبح طعمها مرًا، حيث كان الطعم المر يستخدم كقرينة علي ”سميتها“ من قبل أسلافنا قديماً. المشيمة تعتبر جهازًا حساسًا، وعلى الرغم من الحالة السيئة التي تشعر بها الحامل حينئذ، فالوحم ربما يوفر ميزة تطورية لتطور ونمو الجنين.

حاسة شم قوية

وفقًا لكثير من النساء، حاسة الشم القوية والتي تدعى بفرط حاسة الشم [10] ، هي واحدة من أولى علامات المرأة على الحمل. على الرغم ان السرديات المتناقلة من قديم الزمان غن فرط حاسة الشم، إلا ان الأوراق العلمية عنها قليلة جداً. موضوعياً، نحو ثلثي النساء يصنفن حاسة الشم لديهن أنها تصبح أقوى من المعتاد أثناء الحمل [11] . ذكرت دراسة أخرى [12]  أنه بالمقارنة مع نساء غير حوامل، تصبح النساء الحوامل حساسات بشكل خاص للروائح مثل الأطعمة أثناء طبخها ودخان السجائر والأغذية الفاسدة والعطور والتوابل.

وقد تناولت بعض الدراسات بالاختبار [13]  الحد الأدنى لإمكانية لشم الرائحة «وهي أقل كمية من الهواء الكافية لنقل الرائحة التي تستطيع الحامل شمها» بالمقارنة بغير الحامل.

ونظرًا لعدم الاتساق بين التقارير الشخصية وبين تلك التقارير الموضوعية عن فرط حاسة الشم، تشير البحوث إلى أن المرأة الحامل لا تشم الرائحة بالضرورة بشكل أقوى من غيرها، ولكن ربما تكون أفضل في تمييز الروائح. ووجدت دراسة [14]  أن النساء الحوامل أكثر احتمالاً في كونهن قادرات على تمييز مجموعة متنوعة من الروائح على انها روائح غير طيبة من النساء غير الحوامل. وفي أوائل الحمل - بقدر ما يرفض الجسم الأطعمة التي قد تكون سامة لتطور ولنمو الجنين - يبدو أن لدى المرأة ”حساسية اشمئزاز“ قوية [15]  ممايحفزها على تجنب الملوثات الأخرى التي قد تكون موجودة. وهذا قد يفسر لماذا أشياء مثل دخان السجائر والأغذية الفاسدة تصبح رائحتها كريهة بشكل خاص بالنسبة للحامل.

كما هو الحال في الوحم، هناك علاقة بين التزامن في ارتفاع مستويات هرمون ال hCG وبين تغير الاحساس بالرائحة «شم الرائحة» لدى المرأة الحامل. ولكن يعتقد أن هذه التغيرات الهرمونية لا تؤثر في حاسة الشم. عندما عرَّض باحثون سويديون نساء حوامل ونساء غير حوامل لروائح وقاموا بقياس استجابات أدمغتهن، وجدوا أنه يُعتقد أن الاختلاف في ارتفاع موجة P300 والفترة القصيرة من أول الموجة إلى بلوغها الذروة يعكس عمليات عصبية مرتبطة بتقدير وتقييم الشخص للحدث [تثار عند اتخاذ قرارات] [16] . هذا يشير إلى أن التغيرات الهرمونية يمكن أن تعمل على المستويات العليا للعمليات الإدراكية / الذهنية ذات الصلة بالإحساس بالروائح.

مسألة النسيان

على الرغم من أن عددًا من النساء - كصديقتي - اشتكت من أن الحمل يجعلهن ينسين أكثر من المعتاد، ولو أن البحوث حول هذا الموضوع ليست حاسمة. كمعظم التغيرات التي تحدث أثناء الحمل، فإن التقلبات الهرمونية هي السبب البديهي المحتمل. لكن بعض النساء لم تفد عن أي تغيرات ذهنية خلال فترة الحمل.

وأفاد تحليل تلوي [17]  الذي أُحري عام 2008 أنه بالمقارنة مع النساء اللواتي لم تكن حواملًا، كان أداء النساء الحوامل فيما يخص بعض مقاييس الذاكرة أسوأ. وعلى وجه الخصوص، النساء الحوامل تميل إلى أن يكون أداؤهن أسوأ من ناحية الذاكرة العاملة «وهي الذاكرة قصيرة الأمد [18] » والتذكر الحر [19] .

في الدراسة [20]  التي نُشرت في عام 2014، قام باحثون في المملكة المتحدة بإجراء اختباز الذاكرة المكانية [21]  على النساء غير الحوامل، وكذلك على النساء الحوامل بعد فترة كل ثلث من أثلاث فترة الحمل. بالمقارنة مع ثلث الحمل الأول، سجلت النساء الحوامل، في المتوسط، 11,7٪ أقل في مهام الذاكرة بعد كل ثلث لاحق من فترة الحمل. عندما قارن الباحثون نتائج اختبارات الذاكرة بمستويات ستة هرمونات مختلفة قيست في بلازما الدم، لم يجدوا هناك أي تلازم بين الذاكرة ومستويات الهرمونات - بمعنىً آخر، قد لا تلعب الهرمونات دورًا في نقص / عجز الذاكرة هذه.

ومن المثير للاهتمام، أن دراسة [22]  أجريت عام 2008 ذكرت انخفاضًا في التخلق النسيجي [23] ، أو ولادة خلايا عصبية جديدة، في منطقة الحصين لدى الفئران أثناء حملها. منطقة الحُصين هي منطقة معنية بتحويل الذاكرة قصيرة الأمد إلى ذاكرة طويلة الأمد ثابتة، كما تساعد على معرفة الأماكن، كمعرفة أين رُكنت السيارة.

وبالمثل، أثبتت دراسة سابقة [24]  عدم وجود اختلافات في أحجام أدمغة بين الفئران الحوامل وغير الحوامل باستثناء منطقة الحُصين. منطقة الحُصين كانت أصغر حجمًا في الفئران الحوامل، وكان حجم الحصين متلازمًا أيضًا مغ نقص / عجز الذاكرة المكانية «نسيان المكان». ولكن لم تعمل أي دراسة من الدراسات تصويرًا لأدمغة النساء الحوامل لفحص التغيرات المحتملة في منطقة الحُصين في دماغها.

افترض البعض أن الحرمان من النوم أو الاجهاد النفسي الناجم عن التعامل مع التغيير الكبير الحادث في حياة الحامل يمكن أن يلعب دورًا في النسيان أثناء الحمل. تشير بعض الأبحاث [25]  إلى أن هناك توقعات ثقافية تلعب دورًا، حيث إن المفهوم الشائع لـ ”دماغ الحمل“ قد يجعل النساء ببساطة أكثر وعيًا بنسيانهن اليومي. تغيير الروتين اليومي تزامنًا مع الحمل الجديد قد يؤدي إلى تعطيل في قدرات الذاكرة لدى بعض النساء أيضًا.

على الرغم من وجود الكثير الذي لا نعرفه عن كل تلك التغيرات المهولة التي تحدث أثناء الحمل، إلا أن هناك شيئًا واحدًا بديهيًا: يقوم الأطفال بعمل رائع لجعل وجودهم معروفًا جيدًا قبل أن يولدوا ويأتوا إلى الحياة يركلون ويصرخون.

مصادر من داخل وخارج النص

[1] https://www.theguardian.com/uk-news/she-said/2014/sep/27/hyperemesis-gravidarum-kate-middletons-ongoing-condition-is-much-worse-than-just-morning-sickness

[2]  https://ar.wikipedia.org/wiki/قيء_مفرط_حملي

[3]  https://ar.wikipedia.org/wiki/موجهة_الغدد_التناسلية_المشيمائية

[4]  https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3676933/

[5]  https://ar.wikipedia.org/wiki/باحة_منخفضة

[6]  https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/11394198/

[7]  https://ar.wikipedia.org/wiki/حاجز_دموي_دماغي

[8]  https://ar.wikipedia.org/wiki/سائل_دماغي_شوكي

[9] https://www.bromley.gov.uk/leaflet/261300/12/799/d#:~: text=Foods%20that%20are%20ready%20to، gravy%2C%20stock%2C%20sauces%20and%20soup

[10]  https://ar.wikipedia.org/wiki/فرط_حاسة_الشم

[11]  https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/17634389/

[12]  https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/17634389/

[13]  https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/15201206/

[14]  https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/17634389/

[15]  https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S1090513804001072

[16]  https://en.wikipedia.org/wiki/P300_ «neuroscience»

[17]  https://www.tandfonline.com/doi/abs/10,1080/13803390701612209

[18]  ”الذاكرة قصيرة الأمد «تُعرف أيضًا بالذاكرة“ الأولية ”أو“ النشطة ”» هي القدرة على الاحتفاظ بقدر قليل من المعلومات في الذهن، في حالة نشطة وسهلة المنال لفترة زمنية قصيرة. تُقدر فترة عمل الذاكرة قصيرة الأمد «عند منع أية مراجعة أو استعادة نشطة» بثوان معدودة. والسعة الشائعة لهذه الذاكرة هي القدرة على الاحتفاظ ب 7±2 مفردات. أما الذاكرة، طويلة الأمد فتستطيع الاحتفاظ بكمٍ غير محصور من المعلومات. ولكن ينبغي التمييز بين الذاكرة قصيرة الأمد والذاكرة العاملة، والتي يُقصد بها البنيويات والعمليات المستخدمة بغرض التخزين والمعالجة المؤقتة للمعلومات.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/ذاكرة_قصيرة_الأمد

[19]  https://ar.wikipedia.org/wiki/تذكر_حر

[20]  https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0278262613001668

[21]  https://ar.wikipedia.org/wiki/ذاكرة_مكانية

[22]  https://www.nature.com/articles/4002126

[23]  https://ar.wikipedia.org/wiki/تخلق_النسيج_العصبي

[24]  https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/10712861/

[25]  https://onlinelibrary.wiley.com/doi/abs/10,1002/acp.1427

المصدر الرئيس

https://theconversation.com/what-happens-to-your-brain-when-youre-pregnant-morning-sickness-smell-and-forgetfulness-50235