آخر تحديث: 5 / 10 / 2024م - 10:01 م

من هي المرأة التي ربت رسولنا الكريم

الدكتور جاسم المطوع *

أبناؤنا يعرفون من هي مرضعة النبي ﷺ ولكن هل يعرفون من هي المرأة التي ربت رسولنا الكريم؟ كلنا تعلمنا ونحن صغارا أن رسولنا الكريم لم يشاهد والده لأنه توفي عندما كان صغيرا، أما أمه آمنه فقد توفيت وعمر رسولنا الكريم ست سنوات ثم تربى في جده عبدالمطلب وعمه أبوطالب، وأما مرضعاته فكانت أمه آمنة وحليمة السعدية وثويبة مولاة أبي لهب وامرأة من بني سعد كانت مرضعة لحمزة عمه رضي الله عنه، وكل هذه المعلومات درسناها وعلمناها أبنائنا ولكن يبقي السؤال هو من هي المرأة التي ربت رسولنا الكريم أكثر من عشرين سنة؟.

إنها «فاطمة بنت أسد» «رض»، لها مواقف مشرفة وإيمان قوي وذات صلاح ودين عاش في بيتها رسول الله بعد وفاة والدته وساهمت في تربيته، فنحن نعرف أن رسولنا الكريم بعد وفاة أمه عاش في بيت جده عبدالمطلب وعمه أبوطالب ولكن السؤال هو من هي زوجة عمه أبوطالب الذي عاش رسولنا الكريم عنده طول أيام طفولته.

إنها فاطمة أم على بن أبي طالب وأم الشهيد جعفر «رض»، فهذه المرأة الفاضلة والتي لا يعرفها أبناؤنا وكثير منا هي أم النبي بعد أمه، وقد قال عنها رسولنا الكريم بعد وفاتها: «رحمك الله يا أمي، كنت أمي بعد أمي، تجوعين وتشبعيني، وتعرين وتكسيني، وتمنعين نفسك طيبا وتطعميني، تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة»، كلمات مؤثرة يصف بها رسولنا الكريم تضحية تلك المرأة بنفسها وصحتها وما تحب من أجل تربية رسولنا الكريم، فقد كان يعاملها على أنها هي أمه الثانية وهي زوجة عمه أبوطالب الذي رفض أن يدخل بالإسلام.

ولكن فاطمة بنت أسد كانت من الأوائل الذين دخلوا بالإسلام بعد إسلام السيدة خديجة «رضي»، فهي قرشية وأم الخليفة على بن أبي طالب ولديها من الأبناء طالب وعقيل وجعفر وجمانة وأم هانئ واسمهما فاختة، رضي الله عنهم أجمعين، فهي أسلمت بعد وفاة زوجها وودعت ابنها جعفر في هجرته للحبشة ثم هاجرت مع أبنائها إلى المدينة المنورة، وكانت رضي الله عنها راوية للحديث فقد روت عن رسولنا الكريم ستة وأربعين حديثا، وكانت أمرأة صالحة، وكان رسولنا الكريم في المدينة يقيل عندها أي يذهب عندها فينام نومة القيلولة يعنى وقت الظهيرة.

وقد توفيت «رض» في السنة الخامسة للهجرة في المدينة المنورة، ومن القصص الجميلة أن رسولنا الكريم عندما ماتت أمه فاطمة بنت أسد خلع قميصه وألبسها إياه ونزل في قبرها وجلس فيه فترة يدعوا لها وهو متأثر بوفاتها، فقد ساهمت في تربيته وكانت له من بعد أمه أما، ومن بعد جده قلبا حانيا.

وكان النبي الكريم يكرم فاطمة ويرسل لها الهدايا ففي يوم أهدى لرسول الله حلة استبرق يعني ثوب من حرير فارسل لها هذه الهدية، ولعل رسولنا الكريم سمى ابنته فاطمة على أمه الثانية فاطمة بنت أسد من شدة حبه لها واكرامه لها لأنها قامت معه مقام الأم في التربية في بيت عمه، وكما ساهمت هي بتربية نبينا محمد فقد ساهم نبينا بتربية ابنها الصغير على بن أبي طالب «رض»، فهذه المعلومات مهمة جدا أن يتعلمها أبناؤنا ويدرسونها ففيها معان كثيرة في التربية والوفاء والبر.